د. خيرية السقاف
بأقدامهن الرشيقة، وعيونهن الآسرة
تركضن في فسحة الثرى بعد أن عدن للهواء الطلق
والأفق المدى هؤلاء الغزالات الساحرات
لا قيود حجرات يتطفل عليهن في سجنها الطلقاء للترويح عن أنفسهم..
ولا رصاصات صائدين جائرين بقتلهن
ولا حدائق مسورة لمتعة الهواة بمساواة حريتهن
ولا انقراض، لا انقراض..
بل مدى فسيح يعدن إليه، للهواء، والبراح، والحماية، والتكاثر..
ولسوف تعود قرائح الشعراء للعزف، والمخيلات للتحليق، والقوافل للنجع في علا الطموحات، وواقع الانبعاث..
«محمية شرعان الطبيعية» في العلا واحدة من طموحات المشاريع الضخمة التي تمتد بها السعودية العظمى في مرحلة تجديدها الحديثة، وإعادة ترسيخ لبنات طبيعتها في بنائها الأساس الذي نشهده في «رؤية العلا» تراثا، وتأسيسا، وترميما، وابتكارا، وتجديدا، وإضافة..
هذا الرجل يصنع المعجزات، محمد بن سلمان، هذا الذي وضع في مواقف التنفيذ مع «بشته» الرسميات لينخرط أحد أهم عناصر التحفيز، والفعل، وتفعيل القول، وتحقيق الوعود، وتحويل ماء الأحبار التي كُتبت بها بنود الرؤية إلى لَبَنات في أعمدة البناء، هذا الذي يعلو، ويضيء في عيون العالم لا عند حدود القائم..
«رؤية العلا» هي جملة أحلام كانت بعيدة مغمورة، لكنها غدت واقعا ملموساً، إحياء التراث، تطوير الخامات، توطيد الآثار، نفض التراب عن المغمور، والمقبور، والذي طواه النسيان، هذه الرؤية وضعت البوصلة نحو كل الاتجاهات إلى هذا الجزء النابض في كتاب الوطن بعد أن تعلو في الأفق، وإنها لعمل تأريخي جبار، لا يمكن أن تغفل عنه عين من ينصف فيقول: إننا في مرحلة تشبه الحلم، لكن الأحلام ليست عصية أبدا على القادة الأفذاذ حين يحولون الطحين بين أيديهم إلى عجين، ويمضون في خبزه رغيفا يُطعم الواقعَ بحقيقته، ويسد أود فراغ في كمون مجتمعه، ويُعلي هامة نصره، وتقدمه، وتفوقه، ويجعله قبلة العالم..
ليس على اللسان مع توالي منجزات مرحلة الرؤية الناهضة، البانية، المجددة إلا الدعاء بالتوفيق والتحقيق، وليس للقلوب من حالة إلا أنها تلهج سرورا، تعلو بها الذات اعتزازا..
وإن «رؤية العلا» في قائمة الرؤية الشاملة لتعلو ببعض هذه الطموحات، وتستقر إنجازا تأريخياً فذا ضمن كل الحراك النابه، والكتابة الجديدة لواقع هذا الوطن العظيم..