أمل بنت فهد
الشعور بالتيه يعني الوصول لمنطقة لا تعرف فيها أين أنت، ولماذا أنت فيها، وكيف وصلت إليها، وكل الذي تعرفه أنك خالٍ من الدافع، الخطوة الواحدة كأنها مسيرة سنة، لذا متوقف أنت في مكان فارغ من كل شيء عداك، معلق لا تمس قدميك أرض.
وهو شعور مر به الكثير في مرحلة من حياتهم، ويصاحبها تشويش لا يمكنك أن تفهم منه كلمة واحدة تقودك إلى طريق، أو باب، تحس بالوقت أبطأ من المعتاد، لا يكاد يتحرك، أو العكس تماماً، كأن الوقت يداهمك، ويتجاوزك، وأنت تزحف في نفس المكان.
والذي حدث ببساطة أنك فقدت حلمك، أو نسيته، كمن يشارك في معركة وفقد ذاكرة الولاء، فلا يدري أي فريق يقاتل، كأنه وحده في نزال شرس، ويده على سلاحه، لكنه لا يعرف لمن يوجهه، في الغالب سيهرب، أو ينتحر، فلا وقت للسؤال، ولا فرصة لشرح هذا الضياع.
لكن السؤال الذي يتكرر، عند من يعيش التيه، ما هو حلمك الذي تخليت عنه؟ ولماذا تركته؟ وأين تركته!
قد يكون الحلم الذي اكتشفت أنه ليس حلمك، ولن يقدم لك شيئاً من السعادة، أو مع ضغط التحديات أفلته من يدك، وانزلق بعيداً عنك، وكل ذلك ليس مهماً، ولا تحتاج للإجابة عليه، إذ لو كان يستحق التشبث، لم تركته مهما كان الثمن، لذا تحتاج وعلى وجه الاضطرار، أن تختار شيئاً آخر، فالإنسان بطبيعته المعقدة، لا يمكنه العيش دون قضية، أو حلم، أو هدف، هكذا هو يعشق الأسباب، ولم يصل لمرحلة التحرر التي تمكنه من عيش اللحظة والتمتع بكل تفاصيلها دون نكد الأسئلة، ومحاسبة الضمير، واسترجاع المخزون الثقافي، والاجتماعي، وينجر خلف الصح والخطأ، هكذا لم يتعلم، ويصعب عليه أن يتعلم ذلك، لأنه مسكون بالآخرين، وحب الآخرين، واهتمام الآخرين، ومن مخاوفه الوحدة، رغم أنه وإن كان بين الجموع يشعر بالوحدة، لكنه شعور خفي، وما أقدره على إخفاء حقيقته.
التيه يعني أن ما كنت تفعله لا يناسبك، وما كنت تلحق به ليس لك، وما أنت منغمس فيه لا يمنحك شعورا بالاكتفاء، وأنك جائع من أمر لم تعرفه بعد، لذا اسمح لنفسك باستراحة تيه تخبرك كم أن حياتك محض هراء، وأنك لم تعرف ما تريده بعد، لأنك لو عرفته، وتأكدت من صميمك أنه المنشود، لمشيت إليه بكل جوارحك، ولن يستطيع أي عائق أن يمنعك، سوف تتحدى وأنت ماضٍ في طريقك.