سمر المقرن
اطلعت على مقطع فيديو انتشر بين الناس لطبيبة متخصصة في النساء والولادة، تروي عبر تطبيق سناب شات لمتابعيها عن قصة إحدى المريضات، ويبدو أن الناس تناقلته لغرابة القصة وحصلت الطبيبة على الشهرة والمتابعين التي ترجوها جراء سردها لهذه القصة المخالفة لأبجديات وثيقة حقوق ومسؤوليات المرضى. فالمخالفة الأولى تتضح من خلال عدم التزام الطبيبة بسرية المريض، حيث أسهبت في سرد تفاصيل قصتها، ويفترض أن تبقى هذه القصة طي الكتمان، حسب حق المريض في عدم الإفصاح عن حالته وجعلها مادة للتندر وطلب الشهرة، حتى لو لم تذكر الطبيبة اسم المريضة -مع أنها ذكرت اسمها الأول- فتظل قصتها ضمن أساسيات الالتزام بالبند الثالث من الوثيقة الخاصة بخصوصية وسرية المريض. أيضًا يتضمن المقطع مخالفة صريحة للمادة الخاصة بمنع سوء استخدام المعلومات الخاصة بالمريض والتشخيص إلا بموافقته، فيما عدا ما تطلبه الجهات القضائية، فالطبيبة لم تحترم مطلقًا هذا الأمر!
تتحدث الطبيبة في المقطع ذاته عن إقدامها على أخذ عينة من المريضة دون أن تبلغها بهذا، وهذا الفعل أيضًا مخالفة لبنود الفقرة السادسة من وثيقة حقوق ومسؤوليات المرضى، حيث تنص على أن من حق المريض معرفة الخطة العلاجية، وكافة المعلومات الخاصة بالتشخيص، وكذلك حق المريض في الحصول على المعلومات اللازمة ونوعية التدخلات قبل أي إجراء علاجي.
ما حصل في المقطع المنتشر يتنافى تمامًا مع أخلاقيات المهنة الطبية، وأسلوب رخيص مع بالغ الأسف لجمع المتابعين، مع أن الطبيب الناجح يحصد الشهرة دون اللجوء لهذه الأساليب الرخيصة، وبإمكانه أن يصل باسمه إلى العالمية بمهنيته وأخلاقه، دون أن يستخدم مثل هذه الأساليب التي تنتهك سرية المريض، والمتعارف عليها عالميًا.
أنا على ثقة بأن هذا المقطع لن يمر على الجهات المسؤولة مرور الكرام، وألا يكون هناك أي نوع من التهاون مع مثل هذه السلوكيات التي لا تحترم خصوصية وسرية المريض، بالتالي فإن نتائج مثل هذه التصرفات غير محمودة، بل تجعل الناس تفقد الثقة بالطبيب، وهو الشخص الوحيد الذي يمتلك صندوقًا مغلقًا لأسرار المرضى، وهو على قدر هذه الثقة حتى وإن ظهرت حالات شاذة فالقانون كفيل بإيقاف من ينتهك خصوصية الناس!