عروبة المنيف
تشرفت بحضور ندوة أقامتها جامعة الأميرة نورة بعنوان «تمكين المرأة السعودية في المجالس البلدية بين الواقع والمأمول». وذلك ضمن جهود الجامعة وبرامجها الرامية لتعزيز مكانة المرأة المجتمعية، من أجل المساهمة في بناء التنمية وفقاً لرؤية 2030. وقد تميزت المحاور في تلك الندوة بالتنوع والشفافية، وعرضت تجربة النساء في المجالس البلدية بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انطلاقتها. وبحضور إحدى العضوات «منتخبة» كمتحدثة.
كان هناك إجماعاً من المتحدثات على وجود تحديات معينة تعاني منها العضوات المنتخبات في المجالس البلدية، من أبرزها، المادة 107 من اللائحة التنفيذية للمجالس البلدية، والتي تنص على: «تخصيص قاعة اجتماعات لأعضاء المجلس من النساء تربط مع قاعة اجتماعات الرجال بدائرة تلفزيونية ويخصص مكان مستقل للنساء في اللقاءات وورش العمل التي ينظمها المجلس وتربط بالقاعة الرئيسية بدائرة صوتية، وتؤمن سيارة مستقلة لأعضاء المجلس من النساء أثناء الزيارة الميدانية». أن وجود ذلك البند، كما شهدت إحدى العضوات في المجالس البلدية، يعتبر من معوقات عملية التمكين للمرأة والتي أكدت عليها رؤية 2030، فالتمكين يشتمل على إتاحة الفرصة الكاملة للنساء ليساهموا بفعالية في جميع المجالات وعلى قدم المساواة مع الرجل. فتوجه الدولة بشكل عام يرتكز على رفع نسبة مشاركة النساء في قوة العمل جنباً إلى جنب مع الرجل وفي جميع الأنشطة ما يجعل عملية الاختلاط أمر لا يمكن منعه أو تجاهله، فهو واقع فعلاً وفي غالبية القطاعات التنموية بالمملكة. وصدور قانون منع التحرش منذ فترة كان له دور حيوي في ضبط عملية الاختلاط. حيث تفيد التقارير بأن نسب التحرش بالمملكة بعد فتح المجال للمرأة بالعمل إلى جانب الرجل هي في المستويات الدنيا ولا تكاد تذكر!، ولا يخفى على أحد بأن القطاع الصحي في المملكة، تعمل فيه المرأة إلى جانب الرجل منذ أكثر من خمسة عقود ويعتبر من أنجح القطاعات في منطقة الشرق الأوسط.
فرحنا بالعرس الانتخابي وبفوز النساء بتسعة عشر مقعداً واعتبرناه إنجازاً نسوياً مبهراً، ولكن حجب النساء المنتخبات في المجالس عن أداء مهامهن بيسر وسهولة سواء بمنعهن من التواصل المباشر مع زملائهن الرجال أو مع الجمهور المستهدف بحجة عدم الاختلاط لن يخدم أهداف التمكين التي تسعى إليه المملكة وسيعمل على عرقلة مجهودات الدولة في تحقيق الرؤية.
تحد آخر لاقى اهتماماً بالغاً وذكر في محاور الندوة، يتعلق بعملية التعيين في المجالس البلدية، فمن باب التمكين أيضاً، ينبغي وضع كوتا نسائية للتعيين في المجالس البلدية، فلا يقتصر التعيين على الرجال دون النساء كما في الدورات السابقة، فقد بلغت نسبة النساء المنتخبات في المجالس أقل من 1% (0.6%)، أما النساء المعينات فكانت صفر%، بينما هناك 1053 عضو مجلس بلدي «رجل» و»بالتعيين».
إن تجربة إشراك النساء في مجلس الشورى ووضع كوتا في التعيين (20%) للنساء، ينبغي تعميمها على المجالس البلدية أيضاً لضمان مشاركة المرأة بفعالية وكفاءة كاملة. بالإضافة إلى أن مراجعة التشريعات واللوائح التنفيذية باستمرار وتعديلها بما يتناسب مع رؤية وتوجهات الدولة هو أمر حتمي، ولا سيما أن الهدف بالنهاية يصب في مصلحة الجميع من أجل الوطن ورفاهيته وجودة الحياة فيه.