خالد الدلاك
بوفاة الفريق سعود الهلال مستشار سمو وزير الداخلية ومدير الأمن العام السابق - رحمه الله واسكنه فسيح جناته - فإن حقبة زمنية أمنية طويلة قد طويت، وشخصية عظيمة قد ودعت ورحلت.. سمتها العطاء والوفاء والتضحية وبذل الروح فداء للوطن وعزته وكرامته واستقراره وصنع أمنه وأمانه.
هذا الوطن الكبير العظيم الشامخ حباه الله برجال أوفياء مخلصين صامدين ملبين نداء الواجب ومقدمين أرواحهم فداء له وقربانًا لفضله عليهم، ديدنهم في ذلك روح الولاء وديمومة الانتماء.!
ويأتي في مقدمة هؤلاء المرحوم سعود بن عبدالعزيزالهلال رجل سلمان بن عبدالعزيز وبذرته الأمنية الصالحة التي غرسها وتبناها ورعاها وسقاها حتى أثمرت وأينعت وأنتجت رجلاً عسكريًا ذا هيبة وأخلاق عالية حميدة، يختلط حزمها بطيبها وقساوتها بلينها وهدوئها بثورتها وبساطاتها بجديتها وابتسامتها بنظرة عتابها.
كيف لا يكون كذلك وهو من تبناه ووجهه ودعمه ونصحه الأب القائد الذي بفراسته وحنكته - حفظه الله وأدام عزه - استشرف حاضر سعود الهلال وتنبأ بمستقبله، فتدرج به في الرتب والمناصب إلى أن وصل أعلاها مديراً للأمن العام، وذلك بعين حكيمة ونظرة ثاقبه تقدر أبناء الوطن وتعرف إمكاناتهم وقدراتهم.
وأبو عبدالعزيز - رحمه الله - لم يخذل ثقة القيادة فيه وكان عند حسن ظنهم وبمستوى تطلعاتهم، فكان رجلاً عمليًا ناجحًا في أداء مهمته وتنفيذ مهامه على أكمل وجه بل وبطريقة وبأسلوب عجيب ونادر، فهو رغم حساسية مناصبه التي شغلها وكون الإنسان يجبر فيها على اتخاذ قرارات صعبة وحاسمة وقاسية إلا أن محبته في قلوب الناس كانت عظيمة ومكانته لديهم كانت كبيرة، لأنه وباختصار رجل صاحب قلب حنون يحب أن يستر على الناس من أصحاب القضايا المتنوعة ويواري فضحيتهم وخاصة في الأمور التي لا تمس سيادة وأمن الوطن ولا كرامة المواطن ولاحقه الخاص. هذا، رغم أنه مرت عليه عقود من الزمن وهو على رأس العمل كانت فيها الأساليب الرقابية والضبطية الأمنية متشددة ومتنوعة ومعقدة ومتداخلة بين أكثر من جهة حكومية، ولكنه بحنكته وفراسته تعايش معها وتجاوز محنها وعقباتها وظل هو متربعًا على قلوب محبيه وأصدقائه وزملائه، بل إن مساحة الحب زادت وتعاظمت مع مرور السنيين والأيام لأنه صاحب مبدأ ونخوة وفزعة وشهامة نادرة من الصعب جدًا أن تتوفر في شخص يشغل منصبه ويملك صلاحياته.
رحم الله غصنًا مثمرًا انقطع وسقط بعد أن كان شجرة عملاقة تعد ظلاً وارفًا وعطاء سخيًا وقلبًا نقيًا قدم الحب والجاه للناس وكسب احترامهم وتقديرهم ومعزتهم،
وغفر الله لك يا من اهتزت وحزنت لموته بساتين الفرح والسعادة ونكست لفراقه أعلام الحب والسيادة.
أبو عبدالعزيز
إن القلب على فراقكم ليحزن والعين لتدمع ولا نملك إلا أن ندعو الله العلي القدير أن يثبتكم عند السؤال ويجعل قبركم روضة من رياض الجنة، وأن يجعل ما أصابكم كفارة وطهورًا إن شاء الله، ولا نقول في الختام إلا ما يرضي الله {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، نافذًا فينا حكمه قاضيًا فينا أمره، له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بحساب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.