م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
من الأحلام التي تحققت في ربوع المملكة المترامية الأطراف خطوط السكك الحديدية التي نفذت لتخترق الصحاري والقفار وتجوب الفيافي والرمال وتربط أقاليم المملكة المختلفة, ومنها خط سكة حديد (الشمال - الجنوب) والذي نفذ من قبل الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار) وهي المملوكة (لصندوق الاستثمارات العامة) وهي استثمار رائد وإستراتيجي يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ويقلّل من الاعتماد على الطرق والسيارات ويقلّل من الهدر الناتج عن استهلاك البنزين وتوفيره للتصدير وبالتالي الحصول على عائد أكبر من بيعه محلياً وبدعم, وقد أثبتت شركة سار تفوقها المنقطع النظير في الإنشاء للسكة والمحطات والتشغيل بطاقم سعودي مدرب ومؤهل تأهيلاً عالياً ومهذباً تهذيباً راقياً يندر وجوده!
خط (الشمال - الجنوب) نفذ باحترافية عالية، حيث يخترق الصحاري بمستوى واحد مع حماية من الجوانب وكبارٍ انسيابية عند التقاطعات وبدون تقاطعات سطحية مع السيارات، أما المحطات فيمكن أن نقول إنها العجيبة الثامنة من عجائب الدنيا السبع فهي آية في الفخامة والروعة من حيث فخامة وسعة المحطات وعلوها وسعة أبهائها وموادها الرخامية الباهظة الثمن ومطاعمها وفراغاتها ومكاتبها, وصالة المغادرة المفتوحة وسيور استقبال العفش المصممة بطريق وقوف عدد أكبر من العملاء، ورصيف توقف القطارات وحتى العربات فخمة وخدماتها وهذا يدل على جودة عالية في البناء والإدارة، ويحتوي هذا الخط على محطة الرياض والمجمعة والقصيم وحائل والجوف، أنشئت محطة القصيم في الكثبان الرملية الواقعة على بعد 20 كم شرق بريدة ومن الملاحظ ما يلي:
1 - موقع المحطة بعيد نسبياً عن مركز الكتلة السكنية والعمرانية وصارت بموقع يميل لكفة بعيدة عن موقع التوازن مع العلم بوجود مواقع خالية من العمران والسكان في المركز ولكنها بعيدة عنها، حيث تبعد عن الرس الواقعة غرب القصيم أكثر من 120كم وحتى مدينة بريدة رغم قربها منها فإن الوصول لها صعب ولا يوجد سوى فتحة دوران خطرة على طريق الملك فهد السريع (تم إنشاؤها بعد تشغيل المحطة)!
ولهذا فإن بعض المسافرين من وسط وغرب القصيم يستخدم سيارته الخاصة في السفر للرياض ما دام أنه يجد صعوبة في الوصول للمحطة لبعدها عن طريق (الرياض - القصيم) وعدم وجود طريق مريحة لها.
2 - بعيدة عن المطار الإقليمي الدولي بالقصيم، حيث إن محطات القطار يجب أن (تتكامل) مع المطارات نظراً للترابط الوثيق بينهما؛ فمسار الرحلات لفاعلية أكبر يحتوي على قطارات وطائرات وسفن (في حالة البحار) وهذه المحطة تبعد حوالي 30كم عن المطار ولا بد للوصول للمطار أو العكس من الدخول للنطاق العمراني لمدينة بريدة كاملاً من الشرق للغرب، علماً بأنه لا يوجد طريق سريع ومباشر رابط بينهم.
3 - لا يتوفر وسائل نقل عام تربط المدن والمحافظات مع المحطة حيث إن النقل المتكامل يحتوي على شبكة (حافلات) تنقل من وإلى المحطة لضمان عدم تفضيل خيار السيارة الخاصة ولخدمة من لا يملكون سيارات خاصة ويمكن توفير اشتراكات سنوية لاستخدام شبكة القطار والحافلات.
4 - لا يوجد مسجد رئيسي للمحطة للصلاة فيه سوى ما هو موجود داخل الصالة وبزاوية صغيرة، وأقترح بناء مسجد مستقل بوسط المواقف يستوعب عدداً كبيراً من المصلين.
5 - تم تصميم سكة حديد (القصيم - المدينة المنورة) والمحاذية لطريق (القصيم - المدينة) السريع وعلى هذا يجب وضع محطة للقطار المتجه من الرياض للمدينة والمحطة الحالية لا تقع على هذا المسار ولحسن الحظ أن المسار الجديد يمر بوسط مدن القصيم والمطار (البعيد عن المحطة الحالية) وأقترح إيجاد محطة على رمال (الغميس) وعند تقاطع طريق الدرعية القادم من عنيزة وطريق الملك فهد لخدمة غرب بريدة ومحافظات القصيم الأخرى، والمحطة الحالية لخدمة المتجهين لحائل والجوف والقريات وشرق القصيم.
ولا شك أن لسمو الأمير المتابع لكل مشاريع المنطقة الأمير الدكتور فيصل بن مشعل باع طويل في تسهيل الوصول للمحطة وفي التنسيق من خلال مجلس المنطقة مع هيئة النقل العام, ولمعالي رئيس الهيئة الدكتور رميح الرميح رؤية ثاقبة وتخطيط دقيق للمسارات والمحطات وخدمات الركاب ووصولهم من المحطات وإليها، ويشهد بذلك الخدمات المتميزة لكل من شركة سار وقطار الحرمين.