د. عبدالرحمن الشلاش
الأصل أن يكون لديك معرفة كاملة وثقافة كافية عن كل الأشياء التي تحيط بك وتؤثر في حياتك وتتأثر بها، وعن كل المؤسسات العامة والخاصة وعن الأفراد الذين تتعامل معهم في محيطك أو البلدان التي تسافر إليها. أهم من هذا لا بد أن يكون لديك ثقافة عن الأنظمة خاصة في وطنك الذي تعيش فيه، أنظمة العمل والمرور والشركات والبنوك وعن الأسعار وعن مختلف الإجراءات وعن نوعية السلع والأدوية والأغذية التي تشتريها. لو توافرت لديك كل هذه المعلومات والثقافة الواسعة بالتأكيد ستجنب نفسك كثيرًا من المخاطر والورطات التي قد تقع فيها في حالة الجهل! وسيكون «دربك خضرًا» كما يقولون وليس أحمر كله منعطفات خطرة ومطبات.
الجهل يقودنا دون شك إلى المصير المجهول. من يسلك طريقًا لا يعرف معالمه ومسالكه ونهايته لن يسلم من المخاطر. قبل أن تستهلك مثلا الكهرباء أو الماء ربما بإسراف زائد عن الحد لا بد أن تعرف مسبقًا التعرفة المعتمدة لتلك الخدمات وإلا ستفاجأ بنهاية الأمر بفاتورة عالية القيمة قد لا تستطيع دفعها. هل لديك معرفة أو ثقافة عن غرامة السرعة وطريقة الوقوف أمام إشارة المرور، والدوران أم أنك تنتظر حتى تصلك قيمة الغرامة ثم تقيس عليها في المستقبل. أتذكر قصة زميل ذهب للبنك كي يقترض لم يهتم بأي شيء غير مقدار المبلغ الذي سيستلمه فقط، لم يسأل عن النسبة التي سيتقاضاها البنك، وعدد السنوات، وكم المبلغ الذي سيقتطع من راتبه. استلم المبلغ وخرج وحين تم اقتطاع أول دفعة من راتبه أصيب بالصدمة.
مشكلة كثيرين أنهم يأخذون ثقافتهم والاستشارات والنصائح من الجلسات الخاصة والاستراحات بداية من الوصفات الطبية. أحد الحضور يعرض تجربته الناجحة مع دواء معين فينصح المجموعة بشرائه لأنه علاج ناجع للصداع مثلا دون أن يدرك بأنه قد يكون سببًا للمرض أو الموت. «الدرعمة» وهي التحرك دون معرفة ووعي سبب للكوارث والمشاكل التي يتعرض لها البعض فيرفعون أصواتهم بالصراخ وحينها لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد.
هناك للأسف مع ضعف معرفتنا بكثير من الإجراءات قصور من بعض المؤسسات في تثقيف الناس وزيادة وعيهم كي لا يقعوا في المحظور ويتحولون إلى ضحايا. يحتاج هذا القصور لإعادة نظر عاجلة لرتقه خاصة وأننا في المرحلة القادمة مقبلون على تنظيمات وتغيرات كثيرة في مرحلة مختلفة تخص أمورًا تلمس حياة الناس لذلك لا بد أن يكون كل الناس على إلمام تام بها كي يضبطوا أمورهم ولا يقعوا في المحظور ويكون دربهم خضرًا.