د. عبدالحق عزوزي
أظهرت القمة العالمية للحكومات التي عقدت مؤخراً في دبي، وضمت جلساتها على مدى ثلاثة أيام 150 متحدثاً في 114 جلسة، حضرتها أكثر من 4.000 شخصية إقليمية وعالمية من 138 دولة أن:
- 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة.
- 13.5 مليون طفل عربي لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام.
- 30 مليون عربي يعيشون تحت خط الفقر.
- 8 % زيادة في معدلات الفقر آخر عامين.
- تريليون دولار كلفة الفساد في المنطقة العربية.
- 5 دول عربية في قائمة العشر دول الأكثر فساداً في العالم.
- رغم أن العالم العربي يمثل 5 % من سكان العالم إلا أنه يعاني 45 % من الهجمات الإرهابية عالمياً.
- 75 % من لاجئين العالم عرب!.
- 68 %من وفيات الحروب عالمياً عرب!.
- 20 ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربي سنوياً، أي أقل من دولة مثل رومانيا.
- 410 ملايين عربي لديهم 2.900 براءة اختراع فقط، بينما 50 مليون كوري لديهم 20.201 براءة اختراع.
- من عام 2011 حتى 2017 تم تشريد 14 مليون عربي.
- من عام 2011 حتى 2017 خسائر بشرية تصل إلى 1.4 مليون قتيل وجريح عربي.
- من عام 2011 حتى 2017 تم تدمير بنية تحتية بقيمة 460 مليار دولار.
- من عام 2011 حتى العام الحالي خسائر في الناتج المحلي العربي بقيمة 300 مليار دولار.
هاته الأرقام والبيانات والإحصاءات جد مخيفة، لأنها تبين الوضع الخطير الذي وصلت إليه بعض الدول العربية خاصة في مجال الأمية والتنمية.
انطلاقا من هذا الوضع، لا يمكن أن يختلف اثنان إذا قلنا إنه من بين أولويات الوطن العربي اليوم هو إصلاح منظومة التربية والتعليم وإحكام إستراتيجيات اقتصادية واجتماعية لتنمية المجتمعات، فنحن في حاجة إلى تطوير التعليم لأن نهضة الأمم تكون بالتربية والتعليم وبهما تنمو المجتمعات وتزدهر؛ ولنأخذ مثال الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، حيث نجد أن البحث العلمي المتقدم وجودة التعليم هما أساسان في قوة الاقتصاديين وهيمنتهما.
وهذا الجانب يحيلنا طبعا على معادلة أخرى وهي التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي في عالمنا العربي؛ والتنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحالي دون الإضرار بقوة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً أيضاً بالنمو الاقتصادي.
فعلى الوطن العربي أن يمأسس لنظم اقتصادية وتنموية متماسكة وأن يدمج شعوبه في عملية التنمية وفي سيرورة سياسية واجتماعية واقتصادية مندمجة تقوم بتحسين شروط الحياة بشكل دائم ومستمر وتقوية مختلف المجالات المجتمعية بما فيها الاقتصادية والبيئية... فهي استثمار لكل الموارد من أجل الإنسان.
وإذا كنا نتحدث هنا عن النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة فحري بنا أن نتحدث أيضاً عن النمو التشاركي والتنمية التشاركية والمبنيتان على المقاربة التشاركية؛ فشركة الطيران الفرنسية الإيرباص والتي مقرها بتولوز الفرنسية لا تصنع الطائرات لوحدها وإنما صناعتها نتيجة تعاون مع عدة دول أوروبية مشتركة؛ فلماذا لا نخلق في وطننا العربي شركات عربية تساهم في الالتحاق بالركب الصناعي العالمي ولنا من الإمكانات البشرية ما تسمح لنا بذلك؛ والمبدأ المركزي في النمو والتنمية التشاركية هو تقاسم المعرفة وسلطة اتخاذ القرار وتقاسم الإمكانات المالية، وكل هاته المعايير موجودة في وطننا العربي.
إن منطقتنا العربية لها كل الإمكانيات المطلوبة ويكفي زيارة شركة الإيرباص أو شركة بوينغ أو شركة رونو وفولفو لصناعة السيارات، حيث ستجد العرب يشتغلون في كل جزئيات التصنيع والتخطيط والتسيير وإذا ساءلتهم فستجد عندهم رغبة أكيدة لاستثمار معارفهم خدمة لبلدانهم ولوطنهم العربي؛ فيجب التفكير الجاد في سياسة عربية موحدة تمكن من انبثاق ونمو وإدخال كل الطاقات البشرية العربية والإسلامية في مجال التنمية التشاركية ونكون بذلك قد حققنا وسائل للتغيير نحو الأنماط المجتمعية التي تسمح لها، ليس فقط بتحقيق القيم الإنسانية المثلى، بل وأيضاً زيادة قدرتها على التحكم والسيطرة على نمو المجتمع. فالتنمية عملية شمولية تتكامل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي بالتالي عملية مخططة ومحكمة تحدث تغييراً جذريّاً في بناءٍ اقتصاديٍّ قوي؛ كما تكون السياسة التنموية تعبيراً عن آراء المواطنين واستجابة لحاجياتهم؛ وتنفذ تلك التنمية موازاة مع تشريعات ضامنة وجريئة ومؤسسات موازية تفعل فيها مبادئ المساءلة والشفافية، هذا هو المطلوب.