إنه الإنسان في بعضه كلما قل وعيه وإيمانه المطلق لله اتجه إليه بالخصومة والانفعال.
للأسف ظاهرة بدأت تأخذ بالنمو في أوساط المغرّدين بلا تحديد، ولا تعميم وهم من حيث لا يعلمون أو يعلمون يمارسون دورًاكبيراً في تخريب العلاقة المقدسة بينهم وبين الذات الإلهية.
فلا يكف أحدهم عن التذمر والسخط إذا مر به مأزق ما، أو اعتراه جانب من جوانب القدر المسير بإرادة الله لا يكف عن توجيه الاتهام لله قائلاً: لماذا خلقتني! أين عدلك!
ربنا الذي في السماء أنا أتألم أين رحمتك عني؟!
وغيرها من العبارات التي تمثّل خطورة عليا على عقيدة تقديس الذات الإلهية وعدم المساس بها..
تفشي مثل هذه العبارات وأخذها على محمل الاعتياد وتناقلها بنكتة أو بجدية في مواقع التواصل الاجتماعي بكل أريحية وبدونتنبيه وعي يُنبئ بأنفس تنفصل عن خالقها، وتدعي المادية في بعض جوانب حياتها، لتتملص تدريجياً عن الانتماء الروحي المطلق لله، مما يسبب بمشكلة روحية كبيرة تؤدي إلى مشكلات تشعبية تتعلق بحياة الإنسان المعنوية والمادية.
مثل هذه الألفاظ توسع الفجوة الروحية لدى الفرد، تجرده من مسؤولياته لتجعل منه هشًا لا يعرف ماذا يريد، حائر هائم متعثر ومترعاً بالاضطراب الذي يمزقه لأنه فقد تلك العلاقة الراقية بينه وبين ما كتب الله.
الجرأة في طرح مثل هذا السخط الذي لم يكن يومًا عبارة عن أفكار، بل مزيج متحد من تراكمات ماضية سلبية تجاه فقر الفرد للأدلة المحسوسة نحو خالقه.
فعبر عنها باستياء لعلها تخفف عنه خوفه الذي نشأ من تفكك نسيجه الروحي.
هذا السخط من الله يعيق عمل الروح في التأمل وفي التواصل السلمي مع الحياة والكائنات والأحداث والمقدرات ما من شأنه يجعل الفرد يعيش في حالة زجاجية حبيس بوتقته يغطي عينيه شعارات زائفة مثل الحق في حرية طرح أي فكرة أو مبدأ أو حتى فعل يمضي به نحو أجواء من الظلمات.
كلنا نحمل الألم الذي ربما استعسر عن الكتابة، ولكننا بحاجة جمعياً إلى الأمل المنوط بالأعلى بالسماء، حيث الخالق الذي لا يوجد شيء في الدنيا أحق بالثقة منه.
إن الزمن الذي لا يُعلم ولا يضعك أبداً موضع اختبار وتمحيص وتدقيق يُتيح لك أن تهرم داخل عاداتك ومعتقداتك وطباعك ويجعل الأشياء تتابع على هذا النحو من التسطيح المعنوي.
فالإيمان المطلق يُخرج النفس من تلك الكآبة الوضيعة ليجعل الإنسان يرفع قلبه دائماً إلى السماء ويقول: قدَّر الله وما شاء فعل.
** **
- رباب محمد