د.عبد العزيز الصقعبي
منذ أيام شاركت بالتحدث عن تجربتي في مجال السرد ضمن برنامج أكاديمية الأدب التي أقامها نادي القصيم الأدبي، هذه زيارتي الأولى لأدبي القصيم بعد انتقاله لمبناه الجديد، والمبنى تحفة معمارية متميزة، يوجد بها إضافة إلى المكاتب والقاعات مكتبة كبيرة ومسرح، وحقيقة يشكر جميع الذين كانوا وراء وجود هذا المبنى المتميز الخاص بالثقافة.
أعتقد هنالك بعض الأندية الأدبية أصبح لها مبانٍ خاصة منها الأحساء وحائل إضافة إلى نادي جدة الثقافي، ربما هنالك أندية غيرها لكن ليس لدي معلومات عنها.
عمومًا أستغرب من بقاء نادي الرياض الأدبي لأكثر من ثلاثين سنة في مبنى مستعار من أمانة مدينة الرياض، دون الشروع في بناء مبنى خاص ومتميز، لاسيما أنها العاصمة ويوجد بها عدد كبير من الأدباء والمثقفين.
لقد كتبت كثيرًا عن الأندية الأدبية ولوائحها ومجالس إداراتها وانتخاباتها، ربما من واقع تجربة لعضويتي في نادي الطائف الأدبي ومشاركتي في الإشراف على لجنة القصة به منذ سنوات طويلة، ومن واقع أيضًا متابعتي لفعاليات وأحداث الأندية الأدبية مع الهم الثقافي والأدبي.
الأندية الأدبية الآن على أعتاب مرحلة جديدة، بعد إشراف من رعاية الشباب ثم وزارة الثقافة والإعلام، وهيئة الثقافة، والآن الثقافة استقلت عن الإعلام، وفي انتظار أن يكون هنالك تغيير في الرؤية القديمة للثقافة برؤية جديدة، أتمنى أن تكون مختلفة ومتميزة، ولاسيما أن هنالك من يقول إن جميع الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون ستدمج تحت مسمى مراكز ثقافية، ولا يزال هذا القول غير رسمي.
أغلب هذه الأندية سيكمل بعد سنوات قليلة نصف قرن من مسيرة ثقافية، تفاوتت بينها من تميز في مجال النشر والنشاط المنبري، ولكنها عمومًا قدمت الكثير للثقافة في المملكة ودعمت المكتبة السعودية بإصدارات متعددة، وأسهمت بحراك أدبي مهم، وقامت بخلق مجتمع أدبي ثقافي، لولاها لأصبح شتاتًا.
الآن وكما قلت، نحن نعيش مرحلة جديدة، شارك فيها التقني الإلكتروني النسق الورقي التقليدي، وأصبح الوصول والتواصل أسهل، واحتلت الصورة مع الصوت حيزًا للتلقي الثقافي، وتغير مفهوم الأديب والقارئ، وسهّل للمتلقي البحث ثم الوصول إلى المعلومة، مرحلة تغير فيها نسق المكتبة ومفهومها وخدماتها، ومن جانب آخر أصبح هنالك مكان افتراضي، حيث يكون للفعل المنبري متابعون عبر التقنية الحديث في كل مكان في العالم، يكون ذلك مباشرة ويصل لكل مهتم.
في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي أقيم منذ أيام، لفت نظري هيئة لها جناح كبير ومستقل، بجانب الهيئة العامة المصرية للكتاب، وهي «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، أعجبني كثيرًا إصداراتها المختلفة، وسبق أن حضرت فعالية ثقافية في إحدى قصور الثقافة في الإسكندرية، حاولت أن أوجد مقارنة بينها وبين الأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون، والرغبة في تحويلها إلى مراكز ثقافية، لماذا لا تكون هنالك هيئة مستقلة تحت إشراف وزارة الثقافة تعني بهذه الأندية والجمعيات، حتى الآن الأندية الأدبية تحت إشراف وكالة الشؤون الثقافية بوزارة الإعلام، ولاحظنا في السنوات السابقة عدد الأشخاص الذين كلفوا بمهام الإدارة العليا للأندية الأدبية، بالطبع عدم وضوح بالرؤية، وكل من يكلف يجتهد لتنظيم تلك الأندية، وأنا أرى أن من الأفضل أن يكون هنالك اهتمام بتقديم الخدمات وتهيئة المقرات لتقديم النشاط الثقافي، مع تفعيل اتحاد الكتاب والأدباء، ونادي القصة ونادي الشعر، وأعتقد بذلك يكون هنالك حراك ثقافي وأدبي، في المملكة، وتكون هنالك إدارة عليا للنشر، تقوم بإصدار مجلات ثقافية متعددة، وسلاسل ثقافية، وتضع آلية للنشر، تمر بمحكمين، وتعتمد معيارية خاصة للنشر، مع الاهتمام بصناعة الكتاب، ليكون مخرجًا بصورة جيدة، ويتم توزيعه داخل وخارج المملكة، دون أن يمارس بعض الناشرين العرب لعبة النشر فقط للعرض في معرضي الرياض وجدة للكتاب.
هذا مجرد رأي، ورأي خاص جدًا، أملاً أن يكون في مدينة الرياض أكثر من مبنى مثل نادي القصيم، وفي كل مدينة في المملكة، يقدم فيها الفعاليات الثقافية ويجد كل من له علاقة بالثقافة والأدب والفن مكانًا خاصًا له فيها، لتكن تلك المباني قصورًا للثقافة والفن والأدب.