إلى قريتي سنام
تبلَّدَ الحِسُّ حتى أينعَ السأمُ
بوادي الصمتِ والآلامُ تزدحمُ
أينَ المفَرُّ وهذا الموتُ يَكْمِنُ لي
في كلِّ منعرجٍ والسافياتُ دمُ
كسا النجيعُ ربى الآمالِ وانكفأتْ
على المرارةِ إذْ ألوتْ بها النِقَمُ
ما باله الفجرُ إذْ أقريْتَهُ أرقي
عند الهزيعِ ونارُ الحزنِ تضطرمُ
جهمُ المحيا إذا لاقيته وجلاً
وكان طفلاً إذا القاه يبتسمُ
أيام كانت فتاتي نخلةٌ سمَقَتْ
تساقط الزهوَ حولي وهي تلتثمُ
حفيفُها أغنياتُ الطهرِ موسَقَها
نفحُ الصَبَا وأسرَّتْ لحنها الديَمُ
وللسواقي حديث لا يعكِّرهُ
زيفٌ ولا يعتري نِدمانهُ ندمُ
تلك التي لم تخن ظلاً وما عرفتْ
أماسيَ المدنِ والأضواءُ تلتطمُ
ولم تزْر خيمةً يحتاطها حرسٌ
والكاسياتُ أصطفافٌ كله عدمُ
تلكَ التي لم يكنْ لي قبلَها أملٌ
وليس لي إذْ توارى طيفُها حُلُمُ
لتلك أبكي بكاءً غيرَ محتشمٍ
وليس من شيمتي إذ همتُ أحتشمُ
أبكي الغداةَ ويلقاني الضُحى سَخِطاً
وللعشايا نثيثٌ كله ألمُ
يا مزمعينَ (سنام) الحبِ قبلتهُ
لما طغى الحقدُ لما اشتطتِ الظُلَمُ
خذوا إليها على علاته شبحاً
لسوف يفجعها إذ لاكه الهرمُ
قد كان غادرها تنسابُ لمته
فتوةً وطموحاً ليس يهتضمُ
الآن يرتادها مستشرفاً عبقاً
من الصِّبا والليالي شيبها يصمُ
تريثوا قد نبت بي غابةٌ هرمتْ
توحشاً وارتعى أشجارها السأمُ
لا تحفظ الجارَ يحيي ليلها كرماً
في القحطِ إذْ هرئتْ من أهلها الذممُ
والساخطون زرافاتٌ تقمَّصهمْ
من دهرهم ضجرٌ من عيشهم بَرمُ
في كل ليلٍ يغذون السرى هلعاً
ويفرقون إذا لا قتهم الأُجَمُ
مدججون بسقطِ اللغو، ترشدُهم؟!
فيأنفون وفي أسماعهم صممُ!
** **
- عبدالله السميِّح