د. أحمد الفراج
في تطور لحالة الخصام والانقسام على الساحة الأمريكية، بين الرئيس العنيد، دونالد ترمب، وبين خصومه الديمقراطيين، نفّذ الأول وعده، وأعلن حالة الطوارئ الوطنية، من أجل إقرار تمويل الجدار، الذي يفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، فإعلان حالة الطوارئ، يمنح الرئيس صلاحيات تجاوز الكونجرس، والجدل الدائر يتعلّق بسؤال غاية في الأهمية: «هل بناء الجدار يعتبر مهماً لدرجة إعلان حالة الطوارئ الوطنية؟»، فالديمقراطيون لا يعتقدون ذلك، ويؤمنون بأن ترمب يريد أن يبني الجدار، تحقيقاً لوعده الانتخابي لقاعدته الشعبية المحافظة، التي تكره المهاجرين، وبالتالي ترى أنهم يشكلون مشكلة أمنية كبرى، وعلينا أن نتذكّر أن ترمب وصف اللاتينيين بأنهم مجرمون ومروّجو مخدرات، أثناء حملته الانتخابية للرئاسة، وهي اللغة العنصرية التي تروق لأنصاره.
أقّر مجلسا الشيوخ والنواب اعتماد مبلغ مالي لأمن الحدود، على أمل أن يكون ذلك كافياً، لتحاشي تعطيل الحكومة، ولكن ترمب رأى أن المبلغ لم يكن كافياً، فحزم أمره، وأعلن حالة الطوارئ، وسط غضب شديد من خصومه، فقد أعلنت زعيمة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، والسيناتور البارز، تشيك تشومر، أنهما: «لن يسمحا لترمب بتمزيق الدستور»، في إشارة إلى استغلال الرئيس لصلاحياته، كما توعّد مجموعة من الشيوخ والنواب بتحدي إعلان ترمب لحالة الطوارئ، ومع أن ترمب أحضر مجموعة من ضحايا عنف المهاجرين إلى البيت الأبيض، أثناء إعلانه حالة الطوارئ، من باب الضغط على خصومه، إلا أن ذلك لم يكن مقنعاً، فحالات العنف قد تحدث حتى مع وجود الجدار الفاصل، كما لا يعني بناء الجدار توقف الجرائم، سواء من المهاجرين أو من غيرهم.
المشكلة الكبرى، التي سيواجهها ترمب، هي أنه سيستخدم حالة الطوارئ الاستثنائية، ويموّل بناء الجدار من ميزانية الجيش، وهنا يقول خصومه إنه سيستقطع مبلغاً يخص الجيش، الذي يحمي البلاد، لتمويل أمر أقل أهمية، أي بناء الجدار، كما يرى بعض المشرّعين أن الاستقطاع من ميزانية الجيش أمر مخالف للدستور، ولا شك أن ترمب سيواجه تحديات كبرى، إذ هو لا يفتأ يفخر باهتمامه بالجيش وتطويره وتدريبه، فكيف إذاً يقتطع مليارات الدولارات من ميزانيته لبناء جدار حدودي، وهذه نقطة مهمة للغاية، وستحرج ترمب كثيراً مع المؤسسة العسكرية، التي ترى فيه قائداً صلباً دأب على دعمها، فهل يا ترى سينجح ترمب في سعيه لتحقيق وعده لناخبيه، ما سيخدمه في انتخابات 2020، أم سيستطيع المشرّعون الديمقراطيون ومؤسسات المجتمع المدني عرقلة مشروعه؟! وستكون متابعة هذه التطورات أمر في غاية الأهمية!