كوثر الأربش
أتساءل كثيرًا حول السبب الذي يجعل نقاش تمكين المرأة ما يزال قائمًا! الحقيقة، نحن تجاوزنا التمكين، وعلينا أن نعي المرحلة جيداً، إننا نعيش في 2019 زمن «ما بعد التمكين».
هناك عقلية، ولنسمها «عقلية الوراء». إن هذه العقلية لديها مشكلة مع الزمن. إنها تجد صعوبة في استيعاب الزمن، فهي دائما في اللحظة السابقة، وليس الراهنة. بحيث تطيل البقاء في اللحظات حتى يتعداها الزمن وتتغير. لأنها تقابل المراحل بخطوات أصبحنا ندركها سلفاً: تبدأ باستنكار التغيير، ثم تقبله، ثم إطالة المكث فيه، ثم معاودة استنكار تغيير الواقع الجديد. باختصار هي لا تعيش الحاضر إلا بعد أن يصبح ماضيا.
إذًا، لنسعى أن لا نقع في هذه المشكلة هنا، أعني فيما يخص تمكين المرأة. لقد قطعنا أشواطاً كبيرة للغاية، كان يمكن أن تأخذ عشرات السنين، لقد طوينا الزمن، وحلّقنا أبعد مما كنا نتوقع. من يصدق أن قضية قيادة المرأة، زواج الصغيرات، توظيف المرأة، ولاية الرجل المطلقة، مشكلات كثيرة انتهينا منها في زمن قياسي.. وللأبد. هذا ما يجب علينا استيعابه. لابد الآن من غلق الملف. والتفكير في استثمارات هذا التمكين.
الباب الآن مفتوح، السيدات يمتلكن كل الفرص. ماذا تبقى؟
سيقول أحدهم: لم تصل المرأة بعد لمناصب سيادية، في الوزارات والسفارات وغيرها. سيقولون لم يتم إلغاء الولاية بشكلها الكامل.. سيقال ويقال..
الجواب سهل للغاية، تخيل أن تدخل مصنع سيارات، وتتابع تشكيل جسد السيارة والمكائن والزجاج والإطارات، ثم تأتي قبل إتمام العمل، لتقول: أين المرآة؟ أين الزجاج؟ أين طلاء السيارة؟ يا سيدي قف قليلاً، وانتظر فقط. هذا ما يحدث منذ مدة هنا، في السعودية، وتحديدًا في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده صاحب الرؤية الناهضة والشجاعة. لدينا كل المعدات، كل الاستراتيجيات، ولدينا مخرجات، وكفاءات.. تبقى فقط مراحل بسيطة ليصبح كل شيء جاهز. لا يجوز الآن مناقشة استراتيجيات تمكين المرأة. نحن نعيش واقع تمكين المرأة. علينا وبشكل فوري نوقف تداول هذا العنوان في الإعلام، المؤتمرات، الورش، الصحف. لنعمل وبشكل ضاغط على «ما بعد التمكين».
فإذا كان «التمكين» هو فتح الأبواب للمرأة، فإن «ما بعد التمكين» هو جيل نساء يفتحن الأبواب بأنفسهن. وإذا كان «التمكين» يعني إتاحة فرص أكبر للنساء، كي يصبح لدينا ماراثون ضخم تتسابق فيه النساء، فإن «ما بعد التمكين» هو حصولنا على بطل الفوز. على من ستتجاوز التفوق إلى العبقرية؟. من السيدات اللواتي سيصبحن أيقونات ورموز وأوسمة على صدر هذا الوطن؟