د. محمد عبدالله الخازم
صاحب التغيير القاضي بدمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة، وزارة التعليم، إلغاء المجلس الأعلى للتعليم العالي، وتكليف لجنة لتسيير الأمور، وبقينا في ظل وعود وإرهاصات لإصدار نظام جديد للجامعات، أخذ وقتاً أطول مما هو متوقع! وزارة التعليم، لم تبلور رؤية مستقبلية واضحة ومختلفة حتى الآن وكل ماحدث هو تجميع الموظفين تحت مسمى وزارة واحدة وبعض العمل (التكتيكي) الإداري وليس الإستراتيجي، كإيجاد تغيرات شكلية في الهيكل الإداري أو المناصب الإدارية. أعود للموضوع؛ عام وراء عام، يمضي الزمن، ولا جديد في نظام الجامعات!
كثير من الأمور في الجامعات تؤجل بحجة انتظار النظام الجديد، وهذا يؤثر سلباً على مستوى القيادات العليا للجامعات وعلى أدائها حيث التغيير بطيء والتمديد والتكليف سمة ظاهرة، بحجة انتظار النظام الجديد وبحجة منح الثقة وتأجيل أو عدم قدرة وزارة التعليم أو انشغالها بقضايا التعليم العام عن متابعة قضايا التعليم العالي...إلخ. مجرد بقاء مسؤول في منصبه فترة طويلة يصيب المؤسسة بالترهل وبقائه وهو في حالة عدم اليقين يقلص حماسه ويزيده ترددا وخوفاً من المبادرة. ليست القضية هنا نقد كفاءة وكلاء ومدراء الجامعات ومسؤولي الوزارة ولجنة التعليم العالي، فالجميع له تقديره، لكن الاستمرار فترات طويلة بهذه الطريقة وضح تأثيره للمتابع مثلي. الجامعات بحاجة إلى قادة حقيقيين تدعمهم الأنظمة والصلاحيات وليس مجرد مسيري أعمال، وحان الوقت لسد هذا الفراغ الإداري الكبير حتى لا تفقد هويتها وبعض فرصها وديناميتها في التطوير والتحديث، مع ملاحظة أن الفراغ ليس دائماً بعدم وجود الشخص ولكن بعدم يقينه وعدم إنتاجه وعمله كما يجب...!
في الجانب القانوني كان مجلس التعليم العالي الأعلى هو الجهة المهيمنة على القرار في التعليم العالي ووفق نظامه تمر كثير من الأمور الأكاديمية والتنظيمية والتوظيفية في الجامعات من خلاله، بما في ذلك التمديد لأعضاء هيئة التدريس بعد سن التقاعد، تعيين وكلاء الجامعات، إقرار الأقسام والبرامج الأكاديمية، مراجعة تقارير الجامعات، وغير ذلك من القرارات الأساسية والمهمة. إلغاء المجلس قاد إلى وجود فراغ قانوني استدعى تكليف لجنة تقوم بأعماله وفوض معالي وزير التعليم بعض صلاحياته، لكن المؤقت والتكليف طال فلا هو منح القوة النظامية ولا هو توقف.
معالي وزير التعليم الجديد الدكتور حمد آل الشيخ اجتمع بقيادات التعليم العالي وكلقاء أولي مع منسوبي الجامعات طغت العبارات الترحيبية والتحفيزية والحاثة على الجودة، ولم نطلع بعد على رؤية معاليه في قضية استقلال الجامعات ونظام الجامعات الذي يتم مناقشته عبر اللجان. لا نحمله المسؤولية وحقه أن نمنحه الوقت الكافي، لكنني أبث ملاحظتي بأن أغلب جامعاتنا تقدم ماهو دون المأمول منها في قيادة التحولات الكبرى التي نعيشها. لقد كنت أحد المتحمسين مع الوعود بتحول جامعاتنا نحو المستقبل فاجتهدت بوضع رؤيتي في كتاب «جامعة 2030» حول بعض سياسات التعليم الجامعي التي نحتاج النظر فيها، وربما غيري قدم ماهو مماثل وأفضل، لكننا لا نلحظ فعلاً في أرض الميدان، فهل يحرك معالي وزير التعليم الساكن في مستقبل جامعاتنا؟!