د. جاسر الحربش
الطفل أو المراهق المحتاج لعلاج ضد مرض خبيث أو فيروسي ويمكن علاجه بدرجة شفاء عالية بمنجزات الطب الحديث، عندما يكون هذا المريض يعيش في بيئة منزلية واجتماعية لا تصدق سوى بالأنواع العلاجية اللا برهانية من الطب، هل تترك مسؤولية اختيار العلاج له لمفهوم البيئة العائلية؟ المصاب بمرض عقلي أو نفسي ويمكن شفاؤه بالتنشيط الكهربائي أو العقاقير النفسية والعلاج السلوكي، لكنه يعيش في بيئة تؤمن بأن سبب مرضه لا يخرج من ثلاثة احتمالات، إما سحر أو مس أو عين، ولا تعترف بأورام الدماغ والاعتلالات الجينية الكيميائية والاضطرابات الكهربائية العصبية، هل تترك مسؤوليات علاجه للبيئة التراثية التي يعيش فيها مما يعني حرمانه من العلاج الحديث المعتمد على البراهين السببية والنتائج المرصودة في الإحصاءات والمؤتمرات العلمية.
يمكن التجاوز عن إشكالية حرية اختيار نوع الطب للمريض نفسه عندما يكون عاقلاً مكلَّفاً وعليه عندئذ أن يتحمّل النتائج ولكن الطفل والمراهق ومحدود الذكاء والإدراك وفاقد الذاكرة والعاجز والمعتل نفسياً أو عقلياً، هؤلاء من يتحمّل المسؤولية الشرعية والأخلاقية في اختيار نوع العلاج المناسب لهم؟ بالطبع وطالما بقي الميدان مفتوحاً لحرية الاختيار، سيتم ذلك من قبل البالغين المشرفين المعيلين لهذه الفئات حسب ثقافة وإدراك البيئة الأسرية والاجتماعية للمريض.
هذه العقدة الشرعية في تحديد المسؤولية لاختيار علاج الفئات المنقوصة القدرات تؤجل البت فيها السلطات الثلاث في كل الدول التي لا تشريعات عندها تماثل التشريعات المعتمدة في الدول التي سبقتها إلى التطور العلمي الحديث، والسؤال هنا هو ما هي كمية المسؤولية الأخلاقية والشرعية المنقوصة في هذه الحالات؟ هذه التساؤلات تقودنا بالضرورة إلى البحث عن التعريفات العلمية لأنواع الاختيارات الطبية العلاجية المتاحة في المجتمع السعودي والمجتمعات المماثلة لها وتتساوى فيها حريات الاختيار بين القديم والحديث.
توجد أربعة أنواع، الطب العلمي الحديث والطب البديل والطب التكميلي والطب الذي يصعب العثور له على تعريف، وهذا يحتاج إلى التفصيل المتوسع قليلاً في الاثنين القادم من هذه الزاوية.