د. أحمد الفراج
كما كان متوقعا، انضم السيناتور المستقل، برني ساندرز، إلى كوكبة المرشحين الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة القادمة في 2020، وهي كوكبة كبيرة، ولا شك أن ساندر، الذي يبلغ من العمر 77 عاما، يريد أن يواصل تألقه، فقد كان خصما قويا لهيلاري كلينتون، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الماضية، وكاد أن يطيح بها، وغني عن القول إن كثيرا من المعلقين يؤكدون أنه لو كان هو المرشح بدلا من هيلاري، لربما فاز على ترمب، وذلك لأنه يملك خاصية جذب الجمهور، وإثارة الحماسة، وهي الخاصية التي يتميز بها ترمب، رغم أن الاثنين يقفان على طرفي النقيض الأيدولوجي، فترمب يمثل أقصى اليمين المحافظ، بينما يعتبر ساندرز زعيم أقصى اليسار، وهو يصنف نفسه، وكذلك يصنفه المراقبون على أنه اشتراكي، وهذا التصنيف يجذب شريحة الشباب، ويخيف المحافظين إلى أقصى حد ممكن.
ساندرز، المولود في بروكلين، في مدينة نيويورك، ليس جديدا على الساحة السياسية، فبعد أن تخرج من جامعة شيكاقو، ومارس أعمالا عدة، مثل الكتابة والتدريس وإخراج الأفلام الوثائقية وحتى النجارة، انتقل إلى ولاية فيرمونت، ثاني أصغر ولاية أمريكية، إذ لا يتجاوز عدد سكان كامل الولاية السبعمائة ألف، ثم انتخب عمدة لمدينة برلنقتون، وبعدها انتخب لعضوية مجلس النواب في عام 1990، وخدم حتى عام 2007، عندما انتخب لعضوية مجلس الشيوخ، وما يتوجب ذكره أن ولاية فيرمونت الصغيرة، التي يمثلها ساندرز حاليا في مجلس الشيوخ، يمثلها عضوان في مجلس الشيوخ، وهو المجلس الأهم والأقوى، مثلها مثل الولايات الكبرى كنيويورك وكاليفورنيا، ويمثلها عضو واحد فقط في مجلس النواب، لأنه يتساوى تمثيل الولايات في مجلس الشيوخ، أما في مجلس النواب، فالتمثيل يكون بالنسبة والتناسب حسب عدد السكان.
الرئيس ترمب استقبل ترشح ساندرز بالسخرية، ونعته بالمجنون، وقد رد عليه ساندرز قائلا: «الجنون هو أن لدينا رئيسا عنصريا يحتقر المرأة، ومحتالا يكره الأجانب»، وساندرز له تاريخ طويل بالنضال في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وله مواقف مشهودة، أثناء نضال السود لنيل حقوقهم، في ستينات القرن الماضي، وذلك لأنه يهودي، ويعرف معنى العنصرية والعنف، فوالده هاجر من جحيم النازية في بولندا إلى أمريكا، بعد أن تم قتل بعض أفراد أسرته، ويذكر ساندرز أن سبب دخوله معترك السياسة، كان عندما أدرك أن انتخاب شخص واحد، ادولف هتلر، تسبب في مقتل عشرات الملايين من الناس، ما يعني أن بإمكان الإنسان أن يصنع فارقا من خلال الانخراط في العمل السياسي، ولا شك أن ترشح ساندرز سيضفي الكثير من الإثارة على الانتخابات القادمة، وسيشكل مع ترمب ثنائيا مثيرا، إذ هما يختلفان جذريا في الجانب الأيدولوجي، ولكن يتشابهان في المقدرة على جذب الجمهور وإثارة حماسته، وهذا أمر رائع للمعلقين والمراقبين!.