خالد بن حمد المالك
لم تكن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين أقل شأنًا من سابقتيها باكستان والهند، ولم يكن الاستقبال والترحيب والحفاوة بسمو الأمير إلا في أعلى مستوى، مثلما كان ذلك في استقباله بمحطتيه السابقتين، فقد كان العلم السعودي تزدان به شوارع العاصمة الصينية بكين التي كان الموكب الأميري يمر بها، وكذلك فقد كان على رأس مستقبليه لدى وصوله المطار نائب رئيس المجلس الاستشاري والسياسي في جمهورية الصين السيد خي لي فونغ، فيما رُتِّب لسموه زيارة سور الصين العظيم.
* *
زيارة الأمير محمد بن سلمان للصين لم تأت دون حسابات للمصالح المشتركة معها، فهي تمتلك أكبر مخزون من الموارد الطبيعية، وأكبر احتياطي من العناصر والموارد المعدنية النادرة، وسكانها نحو مليار ونصف من البشر، ولا تزال الصين تمثل أكبر مستهلك للطاقة، وهذا مهم للمملكة كونها تعتمد في تنميتها على تصدير النفط إلى دول العالم، لهذا فالمملكة ثاني أكبر مصدر للبترول للصين بعد روسيا، كما أنها أكبر زبون للمملكة في مبيعات النفط، وتحتل الصين الدولة الثانية في قائمة أكبر اقتصاديات في العالم، فهي الأولى عالمياً في قائمة الدول المصدرة، والثانية في قائمة أكبر الدول المستوردة.
* *
ولأن الثقافة هي محور التقارب بين الشعوب، فقد سارع سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان إلى الإعلان عن جائزة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة والصين الشعبية، وسوف تعنى الجائزة بتكريم المتميزين من المملكة والصين من الأكاديميين واللغويين والمبدعين في فئات أفضل بحث علمي باللغة العربية، وأفضل عمل فني إبداعي، وأفضل ترجمة للكتاب من العربية إلى الصينية وبالعكس، وشخصية العام، وأكثر شخصية مؤثرة في الأوساط الثقافية للعام.
* *
وقد اعتبر نائب رئيس مجلس الأعمال السعودي - الصيني محمد العجلان بأن زيارة الأمير محمد للصين تعد بمنزلة بوابة عبور كبرى لقطاع المال والأعمال، فيما قال السفير السعودي لدى الصين تركي الماضي إن الزيارة تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وأكد الملحق الثقافي السعودي في الصين أن العلاقات الثنائية تشهد في عهد الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان تطوراً في المجالات كافة، وجاءت هذه التصريحات فيما عقد وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير اجتماعاً مع نظيره الصيني لبحث المستجدات الإقليمية والدولية، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
* *
وعلى شرف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع بمناسبة زيارته للصين، ورئاسته للدورة الثالثة للجنة الصينية - السعودية المشتركة رفيعة المستوى، أقام نائب رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين السيد هان تشنغ حفل غداء حضره أعضاء الوفد الرسمي، وبعض كبار المسؤولين الصينيين، كما أقام الرئيس الصيني حفل عشاء ضمن الاحتفاء بالزيارة الأميرية.
* *
من بين النتائج المهمة جدًا لزيارة سموه إدراج اللغة الصينية في المراحل التعليمية، لأن التوسع في العلاقات معها يقتضي أن نتعلم لغتها في دولة تتمسك بلغتها، ومن التحديات التي سوف تواجه المملكة في شراكاتها وآفاق التعاون مع دولة سكانها مليار ونصف المليار يتحدثون اللغة الصينية دون أن يعرفها الجانب الآخر. لهذا جاء القرار للتغلب على التحديات، وهو ما يعني أن العلاقات مع الصين سوف تزدهر في السنوات القادمة بأكثر مما هي عليه الآن.
- يتبع