د. عهود سالم
لا أعرف مَن اخترع كلمة «جيل الطيبين».. لكني أعترف بأنه مصيب ألف بالمئة، كوني أنتمي لجيل الطيبين. وأدرك بأن التحديات التي تواجه الجيل الجديد أكبر وأصعب من التحديات التي واجهتها في أيامي. أن تقف بثبات في هذا الزمن ليس مستحيلاً.. لكن هذا النوع 2 من الوقوف يحتاج إلى كثير من القوة والثبات الداخلي.
وهذا لن يكون إلا بمعرفة النفس واحترامها. بالحنو عليها والعفو عنها كلما جانبت الصواب، وإعادتها إلى الطريق دون أسئلة أو تلميحات. في هذا الزمن تحتاج أن تكون البطل، والمدرب، وفريق المشجعين، والجمهور في نفس الوقت. الناس لا تقف إلا مع الأقوياء، وإذا لم تكن بهذه القوة لأن تقوم بكل الأدوار لإبقاء نفسك على قيد الحياة فأنت حتمًا انتهيت.
في زمن الطيبين كنا نسقط ونقف مجددًا ببساطة. في هذا الزمن إذا سقطت ستجد بأن هناك فريق كامل سيخرجك من اللعبة، إلا في حاله واحدة فقط، عندما تقول للحياة بما تبقى لديك من عناد وكبرياء: لم ننته بعد!.. لكن السؤال الأهم هو: هل تجد في نفسك القوة لأن تقول لنفسك قبل أي ّشخص آخر، لم أنته بعد؟ من تجربتي وقراءاتي في تطوير الذات، سأقول إن الغالبية العظمى تعتقد بأنها خسرت، وجلست تحت الإقامة الجبرية في الأسفل، في الفشل، في الظلام، في الخوف، في اليأس وعاشت بقناعة أنها انتهت فانتهت فعلاّ. مالا يعلمه هؤلاء هو لا يوجد ما يسمى إقامة جبرية، وأن الإنسان أقوى مما يتخيل. كل ما تحتاجه للخروج من الظلام هو التفاوض. وهذه فكرة سوقت لها الكاتبة الأمريكية إليزابيث جيلبرت في كتابها Big Magic عندما قالت: إنها رغم كل نجاحاتها، ما زلت تتفاوض مع مخاوفها على طريقة المحترفين وتقول للخوف بثبات وحزم: أطلق سراح الفتاة!.
ما أريد قوله هو لا يوجد نجاح بدون مخاوف، عثرات، ولحظات يأس.. لكن ما يجهله الكثير هو أن الناجح يصبح ناجحاً بعدما يؤمن بذاته ويحترمها. وأن الناجح في تفاوض مستمر مع الخوف على إطلاق سراحه. وإذا كان الخوف أكثر عنادًا من المتفاوضين، فعلى المُختطف أن يباغت الخوف بحركة غير متوقعة، كأن ينظر في عينيه ويبتسم، أن يقف، أن يمارس هواية قديمة يحبها، أن يقرأ على أقل تقدير كتاباً يحرر روحه. كل ما نحتاجه هو خطوة واحدة للأمام لإرباك الخوف. وقتها فقط سيقوم فريق المتفاوضين المشكل من أحلامك، نجاحاتك القديمة، رغبتك في الحياة، احترامك لذاتك وغيرهم من إطلاق الرصاص على الخوف حتى يلفظ أنفاسه وتكتشف عندها، بأنك أصبحت حرًا للأبد.