د.ثريا العريض
من موقع متابعتي للأحداث الآنية وذاكرة الأحداث الماضية أستطيع أن أقول إن هناك أيامًا استثنائية في حياة المجتمع والوطن كما هي موجودة في حياة الأفراد تعبر بهم من مرحلة إلى أخرى مختلفة. أصنف ضمن هذه الأيام يوم الثلاثاء 9 - 4 - 1434 هـ الموافق 19 - 2 - 2013 م بأنه كان منعطفًا تاريخيًا دخلت فيه المملكة العربية السعودية مرحلة جديدة!
في ذلك اليوم افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، الدورة السادسة لمجلس الشورى، واستمع إلى القسم يؤديه مائة وخمسون عضوًا بما في ذلك 30 سيدة. ولم يكن الجديد في الأمر افتتاح الدورة بل كونها أول دورة تشمل العضوية فيها سيدات إلى جانب الرجال.
أجزم أن كل أجهزة الإعلام محليًا وعالميًا بثت تفاصيل الحدث عبر شاشات التلفزيون والفضائيات.
يومها لم أكن مجرد مراقبة للأحداث أو متابعة لنشرة أخبار محلية أو عالمية. كنت أعيش اللحظات ذاتها- واحدة من الـ150 عضوًا مختارًا للتعيين في الشورى- وفي بالي تتراكض ومضات مشاعر وأفكار كثيرة تضيء فيها ذاكرة الماضي وتفاصيل الحاضر وإيحاءات التماع المستقبل: معلنًا الانطلاق إلى مرحلة جديدة في مسيرة الوطن.
أصغيت لكلمة الرجل صانع اللحظة المتفردة، والقرار القيادي الذي اتخذ قرار عضوية المرأة في مجلس الشورى وفتح الباب لحركة الزمن والمكان. كلمة مكثفة العمق وتعليماته الناضجة الحكمة: «إن التطور الذي نسعى إليه جميعًا يقوم على التدرج بعيدًا عن أي مؤثرات. اعلموا أن مكانكم في مجلس الشورى ليس تشريفًا بل تكليف وتمثيل لشرائح المجتمع السعودي. إن هدفنا جميعًا قائم بعد التوكل على الله على تفعيل أعمال المجلس بوعي أساسه العقلانية التي لا تدفع إلى العجلة التي تحمل في طياتها ضجيجًا بلا نتيجة. أنتم هنا مكلفون بخدمة الوطن وتمثيل المواطن».
تعليمات واضحة تجاوبت معها بكل قلبي: ستبدأ دورة جديدة، باستراتيجية مختلفة؛ سنعمل تدريجيًا وبهدوء وتدرج. إياكم والعجلة التي لا تنتج إلا صخبًا ثم لا نرى لها مردودًا. موقف مفهوم في إطار الزمن السائد آنذاك.
يوم آخر استثنائي في تاريخ الوطن عايشته شخصيًا حين أعلن سمو الأمير محمد بن سلمان برنامج التحول ورؤية 2030 في ورشة عمل جمعت قرابة 500 مواطن ومواطنة من كل القطاعات والمناطق للاطلاع على البرنامج الطموح والمشاركة في وضع أطر المبادرات وتفاصيل الخطة.
هذه الرؤية، بمباركة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قفزت إلى تجاوز سياسة التدرج والتحوط الزمني، واعتمدت مبدأ تسريع التحول الثقافي والاقتصادي لتعويض ما خسره الوطن في عقود من البطء وضغوط التخوف من التغير، وواصلت ما بدأه الملك عبدالله رحمه الله من تمكين المواطنين ، وتجذير التغير داخليًا، وترسيخ السلام في الجوار والعلاقات الخارجية، إلى قيادة تفاعلات السياسة والاقتصاد عالميًا وبناء شرق أوسط جديد مستدام التقدم.
أتابع هذه الأيام الترحيب الواضح بولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثناء زيارته الرسمية لكل من باكستان والهند والصين، وأدعو الله أن تتحقق آمالنا وتثمر هذه الجولات والمباحثات والاتفاقيات بما ينفع الجوار كله، وينشر روح السلام والتسامح والتعاون على البناء ووقف الصراعات والفساد والإرهاب والحركات الهدامة.
وأتطلع إلى المساهمة في خدمة الوطن والمواطن فيما يرضي الله سبحانه. وآمل أن أظل أسهم في تحقيق الحلم على أرض الواقع.