حمّاد السالمي
ترك الأمير (بدر بن سلطان بن عبدالعزيز) نائب أمير منطقة مكة المكرمة؛ انطباعًا جيدًا لدى كافة شرائح المجتمع في الطائف المأنوس؛ إثر زيارته التفقدية التي تمت نهاية الأسبوع قبل الفارط. لم يكتف نائب أمير منطقة مكة المكرمة بلقاء الإداريين والقياديين وكبار المسؤولين في المحافظة الكبيرة جغرافية وساكنة؛ بل التقى الأدباء والمثقفين، والتقى الأعيان ومشائخ القبائل، وزار عددًا من أعيان المحافظة في دورهم، وفي مقدمتهم الأستاذ (فهد بن عبدالعزيز بن معمّر) محافظ الطائف السابق، وهذه بادرة إنسانية وإدارية تحسب لثاني رجل في إدارة الحكم في منطقة مكة المكرمة، حيث الحديث عن نشاطه وحيويته ما زال حاضرًا في ديوانيات المجتمع الطائفي.
* في أول لقاء لي معه ضمن أدباء ومثقفي الطائف في حدائق الرُّدّف قلت له: كأننا هذا المساء؛ أمام والدكم ووالدنا جميعًا الأمير (سلطان بن عبدالعزيز) رحمه الله، صاحب الابتسامة العريضة، والسماحة والتلقائية الحبية مع كل الناس، الذي كان لا ينقطع عن الطائف، فكان يحبها وكانت تحبه. قلت كذلك: إن الطائف التي هي العاصمة الصيفية الأولى؛ كانت من المدن المحظوظة في تاريخها، فقد كانت محط عناية واهتمام الدولة الرشيدة منذ عهد المؤسس والموحد الملك (عبدالعزيز آل سعود) رحمه الله، إلى عهد الملك المجدد (سلمان بن عبدالعزيز)، وولي عهده الأمين الأمير (محمد بن سلمان بن عبدالعزيز)، وهي مع ذلك تطمح إلى المزيد الذي وقفتم عليه وتعرفونه بكل تفاصيله بكل تأكيد، ومن هذا الذي نتطلع إليه في الطائف؛ تحديد وإبراز (هُوِيَّة الطائف.. التاريخية والسياحية والزراعية). أن نرى هذه (الهُوِيَّة) الحضارية؛ مجسدة في عمرانها، وشوارعها، وميادينها، وكافة معالمها ومناشطها في عهدها الجديد الواعد.
* كنا مجموعة من أدباء ومثقفي ومثقفات الطائف في انتظار الأمير (بدر بن سلطان)؛ عندما جاءنا باسمًا ومهللاً، فبادرنا هو بالسلام والكلام؛ ومن ضمن ما قال: جئت إليكم لكي أسمع منكم، وأقف على رؤاكم وأفكاركم في كل ما يخدم ويطور الطائف، فشرعنا في الكلام، ومن ضمن الأفكار التي تم طرحها على سبيل المثال؛ مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنين حكومية أو خاصة، وطلب توفير حصة الطائف من برامج هيئتي الرياضة والترفيه. إلى غير ذلك مما تجاوز حديث الثقافة إلى المشاريع التي تحت التنفيذ، والأخرى التي توقف فيها العمل.
* ونزولاً عند رغبة سموه في أن نرفده بما لدينا من رؤى وأفكار بشكل دائم وبكل الوسائل الممكنة؛ فإني أعرض عليه في هذه السطور؛ بعضًا من ذلك وأقول: الطائف اليوم هي طائف المليوني نسمة، وعشرات الأحياء الجديدة، والمراكز الإدارية الكثيرة، ومئات القرى المحدثة حولها، وتزايد الطلب على الخدمات العامة.. بلدية وكهربية ومائية وهاتفية وغيرها كثير. فالطائف حسب المعطيات السكانية والجغرافية والإدارية؛ هي أكبر محافظات المملكة، وهي لو كانت منطقة إدارية؛ لاحتلت المركز الرابع بين مناطق المملكة، ويكفي أن حيًا واحداً من بين أحيائها الذي هو (حيّ الحَويّة)؛ يبلغ عدد سكانه أكثر من (350 ألف نسمة)، ما يزيد على تعداد أكثر من منقطة إدارية في المملكة.
* هناك كثير من المشاريع المقترحة نأمل أن تأخذ طريقها للتنفيذ منها:
(نفق المواصلات بين الطائف ومكة تحت الهدا وجبل كرا - الطائف الجديد- قرية عكاظ الثقافية- المدينة الصناعية- المطار الدولي)، إلى جانب: (تحريك ما ركن وسكن من مشاريع لم تكتمل، وأخرى لم تر النور بعد، وخدمات لا تصل لأحياء جديدة ظهرت على أطراف الطائف؛ خدمات بلدية، وخدمات ماء وكهرباء وهاتف على وجه خاص. ومنها مشاريع وزارة النقل المتعثرة في عدة جهات من الطائف، وأبرزها الطريق الدائري الذي بدأ العمل فيه قبل 17 عامًا وتوقف عند الكيلو الثاني)..!
* ومن المشاريع التطويرية المهمة التي تعثرت أو توقفت: (جسور طريق الطائف الجنوب مما يلي لية، ومشروع الربط بين المنتجعين الكبيرين الهدا والشفا، وتوسعة طريق الطائف السيل الكبير، وإتمام طريق الملك عبدالله، وتوفير الخدمات الصحية والإدارية الأخرى لحي الحوية الكبير المكتظ بالسكان، الذي هو في حيز جغرافي محدود، ويحتاج إلى إعادة تصميم وترميم وصياغة عمرانية وخدمية مناسبة).
* كانت الطائف منذ ظهورها وما زالت؛ مصيفًا ومنتجعًا، يعرفها القاصي والداني، ملهمة للشعراء، فهذا شاعر العروبة (فؤاد الخطيب)، يستلهم شاعريته من جمال بساتينها، وجداول حدائقها، فيصدح بأجمل ما قيل فيها شعرًا، إذ يقول من قصيدته الشهيرة (لطائف الطائف):
أنا في الطائف استوحي الشعور
إن في الطائف بعثاً ونشور
أحيت الأحداق في نرجسها
وأعادت في الأقاحي الثغور
ولقد حدثني رمانها
أنه كان نهوداً في الصدور
فلو اجتازت بها الروح لما
كنت إلا بين ولدان وحور
فسل الطائف عن أيامنا
تنطق الدار وأبراج القصور
قل لمن ألهمها تسبيحها
هكذا الجنة والعبد الشكور