إنَّ من أشرف وأعظم المهام التي أوكلها الله إلى الإنسان مهمَة التعليم، وأنَّ من أوكلت إليهم هذه المهمة هم صفوة من اختيروا لأداء رسالة عظيمة، وهي بناء جيل وحضارة على علم وبصيرة وقيم وأخلاق سامية. وعلى المعلم أن يدرك أنَّ الله قد مَنَّ عليه بشرف التعليم، قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. وعليه أن يدرك مفهوم أنه مربٍ لجيل ينهض بمجتمعه ويقوده بين الأمم، وأنه غارس لثمر سيجني حصاده نهاية الموسم، وأنه حامل لشعلة تنير درب من حوله حتى يصلوا إلى النجاح والتقدم في مجالات الحياة كافة، قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}. ولن يستطيع المعلم أن يوقد شعلة النور إلا بإدارة الصف بالحُب، والمعلم بحاجة لمعرفة مصطلح الإدارة الصفية بالحب فهمًا وسلوكًا حتى يتسنى له ممارسته مع الطلاب. ويجب أن يدرك المعلم أن دوره ليس تعليمًا فقط بل مربٍ يرتقي بقيم وأخلاق طلابه حتى يكونوا أعضاء نافعين وفاعلين في المجتمع.
ما معنى إدارة؟
هي تنفيذ الأعمال من خلال الآخرين وتحقيق الأهداف بأقل جهد.
فبكل تأكيد المعلم يحمل أهدافًا تعليمية وتربوية يريد أن يحققها أثناء الحصة أو خلال فصل دراسي.
فالأهداف التعليمية ترتقي بعقل الطالب وتوسع مداركه، بينما الأهداف التربوية تهذب سلوك الطالب، لذلك فالمعلم بحاجة إلى إدارة ناجعة حتى يغرس أهدافه في نفوس طلابه.
ما معنى الحب؟
يعرِّفه علماء النفس بأنه سلوك، وكي يتحقق لابد من ممارسته تمامًا كما تمارس عملية التنفس والأكل والشرب.
أخي المعلم، ما الممارسات التي تحقق الإدارة بالحب؟
أولاً: إلقاء السلام على الطلاب عند الدخول للفصل والخروج منه مع الابتسام لهم. قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتُمُوه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)).
ثانيًا: الكلمة الهينة اللينة التي تأسر القلوب، مع المخطئ. قال تعالى {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}. وقال تعالى أيضًا {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال عليه الصلاة والسلام: ((الكلمة الطيبة صدقة))، ويكون التركيز على السلوك وليس على الشخوص.
ثالثًا: السؤال عن أحوال الطلاب وخصوصًا من كان غائبًا بالأمس، وهذا يشعرهم بأهميتهم وبقيمتهم.
رابعًا: إرسال الرسائل الإيجابية مع الابتعاد عن الرسائل السلبية مثل الدعاء لهم وليس عليهم، ودفعهم لتحصيل الدرجات لأنها ثمرة جهودهم ولا تهددهم أو تعاقبهم بالخصم، مع جعل الاختبار دافعًا للتنافس والتحصيل والتفوق والنجاح، لا وسيلة تهديد وعقاب.
خامسًا: أن تكون القدوة الحسنة لهم، وذلك بأن تحسب لكل خطوة، وكل حركة، وكل تصرف، وكل ممارسة أمام طلابك، مع ممارسة السلوك الحسن تطبيقًا عمليًا كالصدق والأمانة والحلم والتسامح والعدل وحسن الظن بهم والعناية بالمظهر وبشاشة الوجه والحزم والضبط في بعض المواقف لأنهم سيتأثرون بهذه القيم ودون وعي منهم، فهم يلاحظونها على أرض الواقع، وليس شعارات يرفعها المعلم وواقعه يناقض كلامه.
سادسًا: أوجد بين الطلاب التنافس والبعد عن المقارنة بين طالب وآخر لأنها تولد الضغينة.
سابعًا: تعرف على حاجات طلابك المادية والمعنوية وقم بإشباعها، وكن لهم مقام الوالد والأخ الأكبر. قدم لهم الحب، وأشعرهم الأمان داخل الصف، وهذا سوف يسهم في مشاركتهم دون خوف من الوقوع في الخطأ مع تقديم التحفيز والتعزيز ومعالجة مشكلاتهم التعليمية.
ثامنًا: تخير أفضل أساليب التدريس المصحوبة بالوسائل المشوقة والأنشطة الجماعية التفاعلية والأسئلة المثيرة للتفكير مع إضفاء جوانب التعزيز اللفظي والمادي التي تدفع الهمم للتحصيل.
ودائمًا أخي المعلم أبحث عن إجالة لهذه الأسئلة:
- كيف ينشط الجميع؟
- كيف يتعلم الجميع؟
- كيف يبدع الجميع؟
- كيف يستمتع الجميع؟
ختامًا أسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.