د. خيرية السقاف
يتخذ وزير التعليم نهجاً جديداً في تصويبه للأخطاء السابقة بما يلفت بمسرة لكل خطواته، وأفعاله الملهمة، فهو يعيد شد حبل التفريط بزمام وعيه، ذلك لأنه مذ تسنّم ملف التعليم بدأ في تنفيذ موضوعات تبدو في الظاهر هادئة، لكنها في الصلب وقادة، لها مساس مباشر بقيم التعليم، وأسسه، ومقاصده، ولعل من أول أفعاله توثيق العلاقة مع الأسرة حين أوكل للوالدين تقديرهم للأحوال الجوية في حالة الاضطرار لعدم قدوم الأبناء للمدارس، دون انتظار خبر يأتي من إدارات التعليم بتعليق الدراسة، وتوثيق العلاقة مع منسوبي التعليم بالسماع لهم، وبث روح التنافسية بينهم، وهناك كثير من أمور أخرى تتعلّق بالهيئة التعليمية وإتاحة مرونة القرار للقياديين في هذا الشأن، ثم التركيز على تطعيم المنهج الدراسي بخطة إدراج اللغة الإنجليزية وهي الأكثر حيوية عالمية للتعلّم منذ المراحل الأولى، ولقد استفادت الأجيال السابقة من هذا حين كانت الإنجليزية تدرس في المرحلة المتوسطة إلى أن تشدّد أمر تعلّمها، واقتصرت ردحاً من الزمن على المرحلة الثانوية في محتوى لا يؤهل لإتقانها، ولا للتحدث بها كما يحدث في مدارس دول الشرق، وغيرها التي لا تتحدث الإنجليزية إلا بعد أن تتقنها في مدارسها.
ثم إن الدكتور حمد آل الشيخ مع همة تنفيذ بنود الرؤية سابقَ في وزارته إلى التجاوب مع مشروع تدريس الصينية بهدف أن يعرفها، ويتقنها أفراد الجيل الناشئ فهي لغة التقنية، والاقتصاد، والطاقة، والاستثمار، والعلوم في عصر تتنافس فيه الدول الكبرى والصين في مقدمتها لتكون مدارسها مصانع لإعداد عتاد بلادهم بذخائر هم عناصرها البشرية المؤهلة معرفة بحاجات عصرهم، وما يليه، وليس آخراً، أصدر أمس الأول توجيهه لأن يخصص المعلمون، والمعلمات خمس دقائق في نهاية الحصص للقراءة الحرة، ومن ثم تصويب الألسنة، وتمكين اللغة، وبهذا يتيح للفكر أن ينصقل، وللمدارك أن تتسع، وللسان أن يستقيم، وللعربية أن تشيع بين أهلها سليمة معافاة من لحنٍ، وخطأ، وجهل..
خمس دقائق في حيز التعليم الزمني، داخل حيزه المكاني الفصل الدراسي من سيقول لا تكفي، غير أنها بداية سيتعود بها الدارس، ومن يعلّمه لأن تصبح حالة التصويب، برغبة الإجادة والإتقان ملازمة في أثناء أي درس يلفت فيه النظر لخطأ في نطق، أو لوهنٍ في شكل، أو لجهل بصواب، فالصواب، والصحة، والسلامة تأتي عن الدُّربة، والدُّربة ميدانٌ للاكتساب، وإثراءٌ للمخزون..
د. حمد آل الشيخ في زهوِ حماسٍ، ونحن معه نأمل ألا تطفئه تراكمات ما يحتاج إلى مصباح بصيرته، وهمة وعيه.. للمزيد، المزيد لنقلة نوعية، وجادة، وفاعلة لمؤسسة التعليم، ومرفقاتها، ومحصلاتها..
بوركت د. حمد، بورك إلهامك، وهمتك، فعليك نعوِّل القفزة الملهمة نحو ما نشغف إليه من كمالٍ، أو أدنى بقليل في مؤسسة التعليم.
وليوفقك الله بالبطانة الواعية الصالحة التي تعمل للهدف ذاته معك.