عروبة المنيف
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي قصة عن ذكرى يوم المرأة العالمي بمناسبة حلوله الذي صادف يوم الثامن من مارس. تؤكد تلك القصة أنها حدثت في الثامن من مارس عام 1908 في مدينة نيويورك. تقول القصة إن صاحب أحد مصانع النسيج الذي تعمل به النساء كان قد أضرم النار فيه وداخله العاملات من النساء انتقاماً منهن لإضرابهن عن العمل في مصنعه مطالبات بتحسين أجورهن! ونتج عن الحريق وفاة 129 امرأة. وأصبح ذلك اليوم رمزاً وذكرى لظلم المرأة ومعاناتها.
بالطبع لم تقنعني تلك الحكاية، فقد أصبحت الوسائط الاجتماعية مكباً لنفايات البشر! فكيف بصاحب مصنع، يحرق ممتلكاته بسبب إضراب عمالة لديه؟! فدفعني الفضول للبحث عن «حقيقة» ذكرى اليوم العالمي للمرأة.
توصلت من خلال محرك البحث إلى أن «حقيقة يوم المرأة العالمي» تعود بداياتها إلى مظاهرات اندلعت من قبل الآلاف من النساء العاملات في مصانع النسيج اللواتي تظاهرن في شوارع مدينة نيويورك وذلك في يوم 8 مارس عام 1908 وكن حاملات لقطع من «الخبز اليابس وباقات من الورد» في خطوة رمزية لها دلالاتها. وتضمنت مطالبهن تخفيض ساعات العمل، ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع. وقد شكلت تلك المظاهرات حركة نسائية قوية داخل الولايات المتحدة امتدت إلى دول أوروبا، ورفعت الشعارات للمطالبة بالحقوق السياسية للنساء كحق الانتخاب. وتبنت منظمة الأمم المتحدة تلك المناسبة لاحقاً في عام 1977، وحددت حسب رأي أغلبية الدول الأعضاء، يوم 8 مارس للاحتفال بيوم المرأة الذي تحوّل إلى رمز لنضال المرأة في العالم.
أما حادثة الحريق المتداولة! فقد وقعت فعلاً في مدينة نيويورك وبأحد معامل النسيج المشغّلة للنساء، وذلك في 25 مارس من عام 1911. تلك الحادثة لم تقع بشكل متعمّد وبفعل صاحب المصنع كما ورد، بل كانت بسبب انعدام وسائل السلامة في المصنع وإحكام إقفال أبوابه على العاملين والعاملات حتى لا يهربوا من العمل! ما تعذَّر إنقاذهم، ونتج عن ذلك وفاة 129 امرأة ممن يعملن داخل المصنع.
ذكرتني تلك الحادثة بحريق المدرسة المتوسطة رقم 31 في مدينة مكة المكرمة عام 2002، والذي نتج عنه وفاة إحدى عشرة طالبة عدا عن الإصابات، نتيجة لمنع فرق الإنقاذ من الدخول للمدرسة حتى لا تنكشف عورات النساء! وكانت تلك الحادثة سبباً في الالتفات للنظام التعليمي ومحاولات إصلاحه، فتم لاحقاً ضم «الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى «وزارة التعليم».
تلك الأحداث المؤسفة تجعلنا نتساءل: هل قدر النساء أن توصد الأبواب عليهن ليموتن حرقاً حتى يحصلن على حقوقهن التي أقرَّها لهن خالقهن؟ «النساء شقائق الرجال»!
الغريب، ومن خلال البحث اكتشافي أن هناك يوماً عالمياً للرجل أيضاً تحتفل به غالبية الدول الغربية، وهو يوم 19 نوفمبر من كل عام! والذي انطلق عام 1998 بهدف تعزيز الوعي بقيمة الرجل ودعم العلاقة بين الجنسين وإنهاء التمييز الجندري. غير المستغرب أن جميع الدول العربية لم تعترف بذلك اليوم وبالطبع لا تحتفي به! ربما بسبب ضمانهم بأن كل أيام السنة هي للرجل، أو لربما بسبب النعرة الذكورية التي ترفض التساوي مع المرأة حتى في التكريم، ليتحوّل اليوم العالمي للرجل في العالم العربي إلى نوع من التندّر والسخرية!