د. محمد عبدالله العوين
لا يكفي ما نواجهه نحن أساتذة الجامعة من أخطاء فاحشة في إجابات الطلاب، لا في ما يحتمل وجهين فنلتمس العذر لمن أخطأ؛ بل في القواعد الإعرابية القارة التي لا خلاف عليها، وفي القواعد الإملائية الثابتة التي لا يستقيم الإعراب إلا بانسجامها مع قواعده.
لا يكفي ذلك؛ بل نجد الفحش في سلامة كتابة سطر أو سطرين متفشياً في كثير مما يكتبه المغرِّدون؛ فحشاً نحوياً وأسلوبياً وإملائياً يتساوى فيه من يحمل درجات علمية عالية ومن يحمل الشهادة الجامعية أو الثانوية، أخطاء وركاكة وضعف في الصياغة تكشف عن رداءة في تعليم هؤلاء أو تهاون في رقابة الامتحانات أو محسوبية أو اتجار بالشهادات في بعض مدارس التعليم الخاص.
هل يمكن أن نغفر لمن يحمل شهادة دكتوراه لحنه وسقطاته المزرية في الإملاء؟!
ولنصغ السمع لخطاب يلقى في أي محفل كان ولندع ما سنلاحظه على أسلوب الإلقاء من حيث الوقفات والتلوين والاستفهام والتعجب والاستئناف والتعليل والوصل والقطع ونحوها من ضرورات تجلي المعاني؛ فتلك قضايا لا يدركها إلا من تلقى تعليماً خاصاً على فنون الإلقاء وأدرك أسرار البلاغة وجرس التجويد، ولنتوقف - لا عند الاستثناء والمفعول معه والمفعول المطلق - بل عند المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول به والحال والتمييز واسم إن وخبرها واسم كان وخبرها مما هو من المعارف الأولى في النحو التي يلزم طالب المراحل الأولى في التعليم إدراكها وتطبيقها؛ لأنها من قواعد السلامة في الكتابة والإلقاء؛ سنجد كثيرين ممن يلقون يتخبطون في الكلمة التي يقرؤونها؛ فلا يفهم السامع شيئاً مما ألقي؛ لأن المعاني لا تظهر إلا بالإعراب ؛ فمعنى كلمة أعرب: أبان وأفصح.
وكأن الغاية من وقوف المتحدث أن يقرأ بأية طريقة كانت وعلى أي نحو كان، فالغاية عند من كلفه بالحديث أن يقف ويلقي، وكان من الخير اختيار من يجيد الإعراب ويتقن شيئاً من فنون الإلقاء، مع مراجعة للنص قبل إلقائه وتشكيله والتدرب على إلقائه.
لا يختلف في ذلك طالب في المراحل الأولى أو من يحمل شهادة عالية، ولا أقبح من كلام ركيك ومعان منغلقة وعوج في اللسان وتكسير في الكلمات وخلط متصل بين الجمل دون فصل ووصل بحيث تغدو المعاني المقصودة كقدر طبخ كب فيه الرز واللحم والملح والزيت والخضار عشوائياً ثم صب عليه الماء بدون مقدار ولا ميزان وترك دون ضبط دقيق للوقت؛ فتأمل ماذا ستكون الطبخة؟!
وإذا تركنا المتحدثين والطلاب وكثيراً مما يكتب في تويتر لا ننسى اللت والعجن والفحش البين في أداء عدد غير قليل من مذيعي الإذاعة والتلفزيون من أبناء وبنات هذا الجيل، وكأنهم لم يدرسوا في مدارس ولم يتلقوا تدريباً جيداً يحميهم من السقوط في تردي الأداء لغةً وأسلوباً.
وبعد: هل سيسلم الجيل الجديد الذي تعود إليه الآن مناهج تعليم اللغة العربية وفنون خطها بعد غيبة طويلة من فحش الخطأ الشائع في كتابة التاء المضمومة مفتوحة عند كثيرين من أبناء هذا الجيل؟!