ماجدة السويِّح
تواجه أم أمريكية الاتهام بالقسوة وسوء التعامل مع الأطفال، بعد أن سكبت الماء على وجه رضيعتها النائمة أكثر من مرة، لإيقاظها على سبيل الانتقام، لأنها تسببت باستيقاظها ليلاً، السيدة على حسابها في الفيسبوك نشرت صوراً وفيديو يدينها، حيث بادر ناشطون إلى إنشاء مجموعة تبحث عن الطفلة الضحية، كما بادر آخرون للتواصل مع الشرطة وإدارة الخدمات الاجتماعية، لحماية الرضيعة وإخوتها الثلاثة من سوء المعاملة.
الصحافة واصلت متابعة الحادثة مع صورة الأم المتهمة بالقسوة، متجنبة عرض صورة الضحية، حيث يحظر الإعلام نشر صور الضحايا من الأطفال وأسمائهم، لأنهم لا يملكون الحق على الموافقة.
في غالبية الدول المتقدِّمة يحظر نشر صور الضحايا من الأطفال إلا في صحافتنا، التي تتسابق للأسف أحياناً في نشر صورة الطفل، دون اهتمام بحقه وحفظ خصوصيته، والتفكير بالمستقبل الذي ينتظره بعد أن يكبر، ويكتشف صوره المنشورة المرتبطة بحوادث أو جرائم بشعة.
ظهور أسماء الأطفال الضحايا أو صورهم في وسائل الإعلام أو الشبكات الاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الصدمة، وتعقيد الشفاء وفق دراسة علمية حول حماية هويات الضحايا في التغطية الصحفية لحوادث إيذاء الأطفال عام 2010 .
أوضحت الدراسة أنه على الرغم من عدم نشر اسم الطفل، فقد تضمنت المقالات بشكل متكرر معلومات من شأنها أن تسمح لأفراد المجتمع بالتعرّف على الضحية.
التسابق في نشر صور الضحايا الصغار، تتضح غالباً في الصحف الإلكترونية، وكذلك المواقع الإخبارية، والحسابات الشخصية، طمعاً في تحقيق السبق الذي يتنافى مع أخلاقيات المهنة، وحماية الضحايا من التأثيرات المستقبلية على حياتهم.
على سبيل المثال نحر زوجة على يد زوجها بمحافظة بيش، توارت صورة المجرم عن النشر، وظهر الأطفال دون حجاب أو تمويه لصورهم في مقابلة مع الخال، الذي لم يعلم ربما أو غاب عنه حينها خطورة نشر صور الضحايا في المستقبل، اللوم بالطبع يقع على الصحفي الذي التقط الصورة، ولم يخف وجوه الصغار البريئة جهلاً أو إهمالاً، لحق الضحايا في الحماية وعدم الزج بهم في معاناة ستبقى موثَّقة في تاريخ طفولتهم، وكذلك يقع الحق على الصحيفة التي سمحت بالنشر.
تصوير الضحايا ونشر أسمائهم ظاهرة عزَّزتها وسائل التواصل الاجتماعي في التقاط ونشر وبث كل ما نراه، دون مراعاة للخصوصية، أو عمر الشخصية الرئيسيّة في الصورة، فقضية فتاة حائل المعنَّفة وغيرها من الضحايا الصغار المعنَّفات، شواهد على تفاقم الظاهرة دون اهتمام بالضحية، وتبعات النشر على سير القضية ومستقبل الأطفال.
النشر لصور ومقاطع الأطفال يحتاج لتنظيم وتثقيف للعامة ولطلبة المدارس، عمَّا يجوز ولا يجوز نشره، ليس فقط في حالة الضحايا، بل في كل الحالات التي يكون الطفل فيها لاعباً أساسياً في الحدث.
يتداول الناس منذ أيام مقطع فيدو لطفلين أحدهما يحمل الآخر، الشقيقان لفتا نظر المصوِّر الذي رأى عظم عمل الأخ الكبير، ورعايته لأخيه الأصغر، فنشر الفيديو إعجاباً بفعل الأخ مع أخيه.
البعض يرى استحسان النشر لبعض الأعمال الجيدة، عن طريق توثيق الأفعال الإيجابية للأطفال دون إذن من ذويهم، طمعاً في نقل التجارب الخيِّرة للتحفيز، والتشجيع لعمل الخير، لكن في الواقع هو تعد صارخ على حقوق الطفل، وحق والديه بالموافقة على نشر صوره، أو المشاركة في الشبكات الاجتماعية.