«الجزيرة» - واس:
أكد معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- تحرص على نصرة أشقائها، بكل ما حباها الله -عز وجل- من وسائل ومقومات، مسخرةً مكانتها الإسلامية والسياسية والاقتصادية إسلاميًا وعربيًا ودوليًا، في سبيل إحقاق العدل ورفع الظلم. وقال معاليه في كلمة المملكة التي ألقاها أمام الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي التي تنعقد تحت رعاية الملك محمد السادس، وانطلقت أعمالها مساء أمس بالرباط بمشاركة رؤساء مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
مواقف ثابتة
وأضاف: إن مواقف المملكة تجاه القضايا الإقليمية والدولية ثابتة وواضحة، حيث تعد القضية الفلسطينية في مقدمة اهتماماتها، وذلك استشعارًا لمكانة القدس الشريف، مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإيمانًا بقول الله عز وجل في كتابه الكريم: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
القضية الفلسطينية
وشدد معاليه على أن القضية الفلسطينية كانت ولا زالت هاجس المملكة الأول في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى نيل حقوقه كاملة على أراضيه. وإن بلادي تستند في دعمها للقضية الفلسطينية إلى موقفها الثابت تجاه استعادة كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وقد تشرفت المملكة بأن احتلت المرتبة الأولى بين دول العالم المؤازرة للشعب الفلسطيني ماديًا ومعنويًا، مجددةً موقفها الثابت باستنكار ورفض أي قرار يدعو إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لقوى الاحتلال الإسرائيلي، وقد أكد ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في لقائه مؤخرًا بفخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن حل القضية الفلسطينية مهم ليس فقط لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، وإنما للاستقرار العالمي، وفي هذا الشأن فإننا نثمن جهود الدول الإسلامية المساندة لإيجاد حل عادل لهذه القضية. وأكد معالي الدكتور عبدالله آل الشيخ أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة خاصة لدى قيادة المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، مشيرًا إلى أن تسمية الملك للقمة العربية التاسعة والعشرين التي عقدت في الظهران بقمة القدس، ما هي إلا ترجمة حقيقية وواقعية لما تمثله هذه القضية من أهمية ومركزية جوهرية بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية، مستشهدًا بما أشار إليه - حفظه الله - في كلمته خلال الافتتاح بقوله: «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين». وفي معرض كلمته بعث معالي رئيس مجلس الشورى ومن أمام المؤتمر الرابع عشر لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي التحية الصادقة للشعب الفلسطيني المرابط والصامد في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وخص بالتحية الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي المعتقلين بغير وجه حق، كما خص معاليه النواب البرلمانيين الفلسطينيين، داعيًا في هذا الصدد المجتمع الدولي للوقوف مع منظمة التعاون الإسلامي في سبيل إطلاق سراحهم والإفراج عنهم.
اليمن
وجدد معالي الدكتور عبدالله آل الشيخ دعم المملكة للشرعية في اليمن في مواجهة عبث مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وذلك من خلال قيادتها للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، مؤكدًا في الوقت نفسه دعم المملكة لكل الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن، وفقًا للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216 والقرارات الدولية ذات الصلة، وذلك للوصول إلى تسوية شاملة في اليمن، كما تحمِّل المملكة المليشيا الحوثية الإرهابية التابعة لإيران كامل المسؤولية حيال نشوء واستمرار الأزمة اليمنية والمعاناة الإنسانية الناتجة عنها. وقال معاليه: إن المملكة العربية السعودية إلى جانب وقوفها سياسيًا مع الشرعية في اليمن، فإنها لم تغفل الجانب الإنساني ومد يد العون للمحتاجين، ففي ظل الأزمة التي يتعرض لها الشعب اليمني الشقيق، حرصت المملكة على أن تكون أول من استجاب لنداء الأمم المتحدة العاجل لإغاثة اليمن، حيث نفذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال الفترة الماضية أكبر خطة استجابة للإغاثة الإنسانية في تاريخ الأمم المتحدة لمساعدة الشعب اليمني، وقد بلغ إجمالي ما قدمته المملكة لليمن منذ العام 2014م أكثر من 13 مليار دولار، بالإضافة إلى تبرعها مؤخرًا بمبلغ 500 مليون دولار كمساعدات إنسانية، ضمن خطة الاستجابة السريعة للوضع الإنساني في اليمن، التي أطلقتها الأمم المتحدة، دعمًا للخطة الأممية، وذلك في مؤتمر جنيف للمانحين من أجل جمع التبرعات للأزمة الإنسانية في اليمن برعاية الأمم المتحدة وسويسرا والسويد، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة.
الإرهاب
كما جدد معالي الدكتور عبدالله آل الشيخ التحذير من خطر الإرهاب والتنظيمات الإرهابية على استقرار الأوضاع الأمنية، وعلى سير برامج التنمية في جميع دول العالم. ودعا معاليه في هذا الصدد إلى تضافر الجهود في سبيل التصدي لكافة أشكال الإرهاب ومنظماته، والمشاركة في الجهود الدولية لمحاربته والقضاء على مظاهره، وسن المزيد من القوانين والتشريعات المجرمة للعمليات والجرائم الإرهابية بكافة أشكالها، وتجفيف منابع الفكر الإرهابي، ومصادره التمويلية، ووضع قوائم بأسماء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها وفضحها ومحاربتها.
وأشار معالي رئيس مجلس الشورى إلى أن المملكة العربية السعودية عانت، شأنها شأن الكثير من الدول الأخرى من الإرهاب، وقادت العديد من الجهود الدولية الرائدة لمحاربته على كافة الأصعدة بما في ذلك تجفيف منابعه الفكرية والتمويلية، إذ أثمر التعاون الأمني المشترك مع العديد من الدول عن إحباط العديد من المحاولات الإرهابية الآثمة، مؤكدًا أهمية مواصلة العمل المشترك في محاربة الإرهاب وغسل الأموال بلا هوادة ولا تساهل.
وأعرب معاليه عن الأمل في نجاح أعمال الدورة الرابعة عشرة للمؤتمر في الرباط، مؤكدًا أن قضايا اللاجئين والمهاجرين والنازحين من بلدانهم بسبب مآسي الحروب والنزاعات هي على رأس القضايا الإنسانية الملحة.
وأكد معالي الدكتور عبدالله آل الشيخ استمرار المملكة العربية السعودية في مساعيها بالتعاون مع المجتمع الدولي في بذل الجهود المادية والمعنوية لمكافحة آفة الإرهاب وتمويله ومحاربة الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أن المملكة من الدول المؤسسة للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014م، بالإضافة إلى مساهمة ومشاركة المملكة في إنشاء المركز العالمي لاستهداف تمويل الإرهاب، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج ومقره العاصمة الرياض في عام 2018م.
عدائية إيران وأضاف معاليه: إنه لا يمكن لنا الحديث عن خطر الإرهاب ودعم الإرهابيين دون الإشارة إلى النظام الإيراني وما يقوم به من سياسات عدائية وأعمال إرهابية، وتصدير للفكر الإرهابي ودعم لمنظماته، وتدخل في الشؤون الداخلية للدول خاصة في عالمنا الإسلامي دون احترام لأصول الدين الحنيف أو مبادئ حسن الجوار، مؤكدًا معاليه الرفض التام لسياسات إيران كما يرفضه ميثاق منظمة التعاون الإسلامي.
وقال معاليه: «من منطلق المبادئ والثوابت الإسلامية والعربية، فإننا لا نتهاون ولا نتأخر في تأدية واجباتنا الإنسانية تجاه الأزمات التي يعاني منها العديد من دول وشعوب المنطقة والعالم دون تمييز ديني أو عرقي، فقد قدمت المملكة مساعدات تتجاوز (35) مليار دولار لأكثر من (80) دولة في المجالات الإنسانية والخيرية والتنموية».
سوريا
وعبر معالي رئيس مجلس الشورى عن قلق المملكة العربية السعودية العميق من استمرار الأزمة السورية، وما يمر به الشعب السوري الشقيق من معاناة، على كافة الأصعدة، مؤكدًا على أهمية الأخذ بشكل جاد بمسار الحل السياسي لهذه الأزمة، بما يضمن استقرار سوريا ووحدتها وأمنها، ومنع التدخل الأجنبي أو أي محاولات للتقسيم، وذلك وفق المبادئ المتفق عليها والمتمثلة في إعلان (جنيف 1) وقرار مجلس الأمن (2254).
الروهينجيا
كما عبر معاليه عن إدانة المملكة لما يتعرض له مسلمو الروهينجيا في بورما، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف تلك الممارسات وإعطاء الأقلية المسلمة في ميانمار حقوقها دون تمييز أو تصنيف عرقي.
استشعار المسؤولية
وخاطب معالي رئيس مجلس الشورى الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الاتحاد بالتأكيد على أن التحديات والأزمات التي تواجه العالم الإسلامي تحتم علينا استشعار المسؤولية ومضاعفة الجهود للقيام بواجباتنا تجاه أوطاننا وشعوبنا الإسلامية الكريمة، والعمل على تعزيز قدراتنا للتعامل مع هذه التحديات والأزمات بأسلوب حكيم ورشيد، يقودنا إلى تحقيق تدارس تداعيات هذه الأزمات وأبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية، وكذلك الاجتماعية، والحرص على جمع كلمتنا وتوحيد صفنا لمواصلة مسيرتنا من أجل تحقيق الأهداف والتطلعات.
وأعرب معاليه عن أمله في أن يثمر المؤتمر الرابع عشر للاتحاد واجتماعاته المصاحبة، عن نتائج فعّاله نحو كل ما يحقق الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار للشعوب الإسلامية والعربية.
التضامن الإسلامي
وأكد معاليه الترحيب بعقد هذه المؤتمرات على أن تعزز وتسهم في دفع عجلة التضامن الإسلامي والتعاون المشترك، خاصة في ظل ما نشهده من ظروف بالغة التعقيد على المستويين الإقليمي والدولي، مما يوجب علينا جميعًا العمل على تعزيز قدراتنا للتعامل مع هذه الظروف نحو تحقيق ما نتطلع إليه من أجل حاضر آمن ومستقبل واعد لشعوبنا الإسلامية.
الدبلوماسية البرلمانية
وقال معاليه: إن الواجب الإنساني والإسلامي كدول أعضاء في هذا الاتحاد يحتم علينا أن نبذل المزيد من الجهود عبر الدبلوماسية البرلمانية وأن نقدم المزيد من الحلول السياسية لإنهاء جميع الأزمات والحروب في أنحاء العالم الإسلامي، نظرًا إلى أن إنهاء تلك الأزمات والحروب واحترام حقوق الجوار يعد أهم وأبرز العوامل لتعزيز الأمن والأمان وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. واختتم معاليه كلمته أمام المؤتمر بالتأكيد والطموح على أن يُشكِّل الاجتماع نقطة تحول في مسيرة العمل الإسلامي البرلماني المشترك، والعمل جاهدين على توثيق آفاق التعاون، وتكثيف الجهود لتحقيق أهداف هذا الاتحاد، وخدمة مصالح شعوبنا، إيمانًا بقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى (2) سورة المائدة.
ووجه معالي رئيس مجلس الشورى الشكر والتقدير للمملكة المغربية الشقيقة ولرئاسة ومنسوبي مجلس النواب ومجلس المستشارين، على الجهود المتميزة في إنجاح أعمال هذه الدورة، معربًا عن تمنياته الصادقة للخروج بنتائج إيجابية تخدم ديننا ومصالح شعوبنا وتدعم استقرار دولنا.
وقد حضر جلسة الافتتاح معالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المغربية الأستاذ عبدالله بن سعد الغرير وأعضاء وفد مجلس الشورى معالي الأمين العام للمجلس الأستاذ محمد بن داخل المطيري وأعضاء المجلس الدكتور فهد العنزي واللواء علي العسيري والدكتورة موضي الخلف والأستاذة لينه آل معينا.
وكان معالي رئيس مجلس المستشارين السيد عبدالحكيم بن شماش قد افتتح في وقت سابق من صباح أمس بالرباط أعمال الدورة الحادية والعشرين للجنة العامة لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ولجنة صياغة البيان الختامي للمؤتمر بمشاركة عضوي مجلس الشورى الدكتور فهد العنزي واللواء متقاعد علي العسيري وذلك في إطار مشاركة وفد المجلس برئاسة معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله بن محمد بن آل الشيخ في أعمال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس دول منظمة التعاون الإسلامي.
انتخاب
وتم خلال الاجتماع انتخاب نائبي الرئيس من المجموعتين الأفريقية والآسيوية، وانتخاب المقرر، واعتماد جدول أعمال اللجنة. كمت تم خلال الاجتماع تدارس واعتماد تقريري اللجنة التنفيذية لاجتماعيها الأربعين والحادي والأربعين وملحقاتهما، وتقرير لجنة الرقابة المالية عن حسابات عام 2018، والميزانية المقترحة للسنة المالية 2019 م. كما استعرض الاجتماع العام للجنة المسائل التنظيمية حيث تدارس الأعضاء بعض المقترحات.
لجنة
واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة برئاسة مقرر المؤتمر وبمشاركة مقرري اللجان المتخصصة الدائمة الأربع والمفتوحة العضوية لصياغة البيان الختامي للمؤتمر، وتحديث مشروع جدول أعمال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر الاتحاد، واعتماد تقرير الدورة الحادية والعشرين للجنة العامة للاتحاد. جدير بالذكر أن اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، يضم 54 برلمانيًا عضوًا، وقد تم إنشاؤه في 17 يونيو 1999، ويهدف إلى التعريف بسمو التعاليم الإسلامية، والعمل على نشرها، وتوفير إطار لتحقيق تعاون وتنسيق بين مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز اللقاءات والحوار فيما بين أعضائه، وتبادل الخبرات البرلمانية، فضلًا عن مناقشة القضايا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تهم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، واتخاذ التوصيات والمقررات الملائمة بشأنها.