حكم قول: هذا يوم نحس، أو يوم أسود:
فرق بين سب الوقت، وبين وصفه أو الإخبار عمَّا وقع فيه.
فما كان من باب سب الزمان أو الوقت لا يجوز، لقوله تعالى في الحديث القدسي (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلّب الليل والنهار) فهذا محرّم ولا يجوز، ما لم يعتقد أن الزمان هو الذي يتصرّف في الكون، ويخلق الحوادث فيكون شركاً أكبر، فلا خالق موجد للشيء من العدم إلا الله تعالى: {اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}.
أما الخلق بمعنى الصنع- وهو تحويل الشيء من شيء إلى شيء -، فهذا يحدث من المخلوق، وفِي الحديث (إن الذين يخلقون -أي يصنعون- هذه الصور، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم). وأما الخلق بمعنى: الإيجاد من العدم، فهذا لا يكون إلا من الله، ومن اعتقد أن هناك غير الله يوجد من العدم، فقد أشرك شركاً أكبر. وما كان من باب وصف الدهر لا سبه، يجوز، كما في قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا...} فوصف الأيام بأنها نحسات عليهم، لأنه جرى عليهم فيها ما هو نحس عليهم، وقال تعالى (في يوم نحس مستمر) وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ}، أي شديد شره، عظيم بلاؤه، وفِي الحديث (ما من زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم). فتقول هذا نهار مظلم، لكسوف الشمس فيه مثلاً، من باب الوصف أو الخبر، فيجوز،. ولا يجوز أن تقول: نهار مظلم، تسب الوقت والحين، لحصول المصائب والكوارث عليك فيه.
ففرق بين السب، وبين الوصف والخبر عمَّا حدث فيه. والله تعالى أعلم وأحكم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة - جامعة أم القرى - مكة المكرمة