د. خيرية السقاف
سبحان من جعل الابتسامة صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة..
أمور يسيرة لا تكبِّد فاعلها جهدا، ولا مالا، ولا وقتا..
فمن هو الذي يسيره عليه، تلقائية في تصرفه، وهو سخيٌ بها، مطمئن بفعلها؟!..
في مواجهة هذا السؤال فإن النفس البشرية جُبلت على سوء الإمارة..
والإمارة السيئة تمنع صاحب النفس هذه عن الأمور اليسيرة هذه فكيف بالشاقة، المتطلبة للجهد، والتصبر، والبذل مادة، ووقتا؟!..
قنطرة رهيفة متينة كحد البرزخ بين الاستطاعة، وعدمها، بين اليسر، والعسر في التعامل مع الذوات الأخرى بالتبسم بشاشة، والتطيب كلاما، والعطاء حماية، وبين الامتناع عن هذا الوجه من الفعل، وارتكاب الوجه الآخر المضاد له..
الحمم حين ينفحها بركان، والوحش حين يكشر عن أنيابه، وريح الخريف حين تنثر الخشاش لا نية فيها لتفعل، وحين تسقي الأمطار جفاف الأرض، وتندى بزخات السحب سطوح الثرى ومخابئها فليس لأنها الإنسان يدرك الذي يفعل، فلا خيار لكائنات الكون في أفعالها، إلا هذا الإنسان..
مُنح العقل، وقدرة التفكير، ومقود الذات، والنية والقصد، وأسبغ ذاته على صفاته، وأفعاله عن ذاته ومسالكها..
مع أنه كاسب بفعله الحسن، ومضاعفةٌ له مثوبة الأداء إن هذَّب سوء نفسه، وعمل على مجاهدتها تربية لها، وتطهيرا، وهيمنته على سوء إمارتها..
إنه المخلوق الممنوح، لكنه في الغالب العاجز الأكبر عن الاكتساب، ولو بأيسر سبل الاكتساب، بسمة صريحة، وكلمة مريحة، وحفظ الطريق عن الأذى في مسارات البشر!..