عروبة المنيف
إضاءة: المال والسلطة والنفوذ، إن استثمرت بحكمة لا مجال للشك بأنها سترفع من قدر الإنسان، وإن اتبعت الغرائز في استغلالها سينحدر الإنسان معها للدرك الأسفل، فالغرور يعمي البصيرة وسوء استخدام السلطة يجعلها معول هدم وتدمير.
يصادف يوم الخميس القادم الاحتفال بيوم الأم، ونحن كأمهات بدون شك نعتبر كل أيام السنة احتفالات بأولادنا، نسعد ونعتز ونفخر بإنجازهم وبتحصيلهم. فالأم حاضرة دوماً من أجل أولادها لأنهم منها وهي لهم، عطاؤها لا ينقطع على مدار العام، ليأتي يوم الأم ويذكر الأولاد بالأمومة، بالعطاء والحب والتضحية والبذل والاهتمام. هو يوم يتعلم فيه الأولاد درس في التقدير، تقدير لدور الأم في حياتهم، ليطبقونه بطريقتهم.
كتب أحد الآباء تغريدة لمتابعيه من الآباء، تقول التغريدة: إن يوم الأم هو يوم خاص لاحتفال الأولاد بأمهاتهم، أنت لا علاقة لك بذلك! اطلع منها ولا يورطونك في ذلك اليوم. استوقفني كلامه، هل من الصحي أن يتخلى الأب عن فرصة الاحتفال مع أبنائه في تقدير أمهم بيوم الأم؟ فالاحتفال ليس كعكة أو هدية أو أي ماديات من أي نوع. الاحتفال هو مناسبة لاستقبال يوم حب آخر في السنة، هو احتفال تقديري للأم للتعبير لها عن مدى التقدير والحب والامتنان لعطائها اللا محدود، هو فرصة للتعبير عن أهمية قلب البيت النابض لجميع أعضاء المنزل سواء الأب أو الأولاد، فالأب يبقى بالنسبة للأم هو الابن الأكبر، وليبقى قلب البيت نابضاً بالمحبة والعطاء والاهتمام، على جميع الأعضاء بدون استثناء مراعاة ذلك القلب وإحاطته بالرعاية والحب، فإن تعرض لعلة أو مرض أو موت لا سمح الله انطفأت الحياة في ذلك المنزل.
يتبادر إلى الأذهان أحياناً قصصاً عن أمهات ساعدتهم الظروف والأقدار في الإنفاق بسخاء على أولادهن ليصبحوا ما هم عليه الآن من التحصيل، كمركز اجتماعي مرموق وما شابه، بينما هناك أمهات تشاء الأقدار أن يعانين الشح في الموارد فلا ينفقن على أولادهن بسخاء، لتكون المقارنة غير عادلة، فلربما تكون البركة بمن عاشوا الشح في الإنفاق وضيق ذات اليد، ولكنهم لم يعيشوا الشح في العواطف النبيلة ومارسوا بسخاء القيم الجميلة، فكان البذل والعطاء مقومات وأعمدة ذلك المنزل بينما المحبة هي زادهم اليومي.
كل الأمهات يتمنين النجاح والسعادة لأولادهن، ولكن هل المال والجاه والسلطة والمركز هي معايير النجاح والإحساس بالسعادة؟، فقد أشعر بالسعادة وبأنني إنسان ناجح يبذل معظم وقته للعطاء وأنت لا ترى ذلك!، فمقاييسنا للسعادة تختلف وعدساتي الذي أنظر بها للحياة تختلف عن عدساتك. فقد تسعى للتحصيل وتحقيق رغباتك المادية وتكون سعيداً بنجاحك وإنجازاتك بينما شخص آخر قد يسعد لإنجاز بسيط، لبسمة زرعها على شفاه شخص آخر فيعتبره إنجازاً ونجاحاً باهراً.
فطوبى لكل الأمهات، لكل من أنجبت وربت وضحت وأحبت وأعطت في سبيل سعادة أولادها.
إضاءة لكل الأمهات: أولادنا يحتاجون للحب أكثر من المال، للاحتواء أكثر من المنازل الفاخرة، للإنصات لهم والتحاور معهم أكثر من توفير وسائل التسلية والترفيه، أنت أيتها الأم من يضخ الحياة في قلب المنزل لينبض بالحياة والحب والأمل والعطف والاحتواء والتقدير، أنت الدعامة للمنزل، أنت المربية ليكون أولادك راضيين ومرضيين.