د. جاسر الحربش
أخيراً حصل التجاوب الوطني مع أرخص وأوفر مصادر الطاقة، فنحن موعودون بأكبر المحطات (ليست واحدة فقط) لجمع الطاقة (وليس توليدها) من الشمس. عندنا المصدر الأفضل والأوفر لتصنيع الألواح الشمسية من مادة السليكا وكذلك المصدر الأبدي للضوء والحرارة وهي الشمس. هذه المصادر كانت موجودة في بيئتنا منذ بدء الخليقة، وللأسف لم نكتشفها نحن ولا العلماء العرب ولا العلماء المسلمون. هذا الاكتشاف الاختراع المدمج في مشروع واحد أنتجته عقول تعيش في مناطق ثلجية من العالم لا تشرق فيها الشمس طول العام إلا بما مجموعه أيام أو أسابيع قليلة. الحمد لله على كل الأحوال، فالحصول على الطاقة المستدامة الرخيصة النظيفة يفتح الأبواب واسعة لاكتشافات واختراعات لا نهاية لها، ولكن يجب أن تتم هنا من منطلقات واحتياجات صحراوية تبدأ في مراكز البحث العلمي المتوافرة وبالعقول المتيسرة. المهم أن تحصل هذه المراكز والعقول على ثلاثة أشياء: التمويل السخي والتفرغ العلمي والقياس التطبيقي للنتائج.
أما التمويل السخي فهو على رأس الأولويات، لأن الدعم المادي للأبحاث العلمية في كل العالم العربي لا تساوي نسبته مجتمعة ما توفره إسرائيل لوحدها لأبحاثها العلمية. وأما التفرغ العلمي فهو شديد الأهمية لأن صاحب الصنعتين كذاب، ولا يمكن لعالم باحث أن يجد الوقت الكافي وهو مقيد بحصص التدريس في الكلية وحضور الاجتماعات الإدارية ومحاصر برغبات المدير أو العميل أو الوزارة.
أما القياس العلمي التطبيقي فهو البرهان الوحيد على جدية الأبحاث وارتباطها بالبيئة وبالحاجات والرؤية المستقبلية. كل بحث لا يمكن تطبيقه محلياً حتى لو كان صالحاً للنشر في دوريات علمية محكمة هو قليل أو معدوم الفائدة.
لكن كيف يكون التعليم وتكون الأبحاث من منطلقات صحراوية كما جاء في عنوان المقال؟ لدينا العواصف الرملية والجفاف والأشجار والنباتات المقاومة للعواصف والجفاف، ولدينا الحيوانات الصحراوية والأمطار الموسمية ولدينا الصحاري والجبال والوديان والثروات المختزنة في الأرض منذ ملايين السنين، ولدينا السماوات والأرضين الواسعات، وهذه لها خصوصيات بيئية يجب تعليمها في المدارس أولاً لتصبح هي المنطلقات للأبحاث العلمية لاحقاً، ومن سار على الدرب وصل.