مها محمد الشريف
لم تعد الساحة البحثية في العالم الغربي كما كانت في الماضي، وكثر الحديث عن عمقها التاريخي بين ما هو مقدس وما هو دنيوي، ومراحل تطورها من البنية الاجتماعية والإرث الحضاري الذي شكل هوية الغرب، رغم وجود جذور عنصرية متأصلة في أعماق هذا الإرث الحضاري وبدوره غذا العقول المنفذة للهجمات الإرهابية التي هزت أوروبا في الأعوام الأخيرة، حيث وقعت القارة الأوروبية في سلسلة من الهجمات الإرهابية الدامية ضربتها بعنف وأوقعت عشرات القتلى وأثارت صدى واسعا في العالم.
ولو راجعنا سيرة الملك عبدالله -رحمه الله- في كلمة ألقاها أمام السفراء وحملهم رسالة إلى رؤساهم حذّر فيها أوروبا من الإرهاب «إذا لم يُواجه بسرعة»، ومن الوجهة النظرية تحسب الرسالة بأهميتها على مقدار الخطر الناجم عن الإرهاب وترويع الآمنين وبعد نظر الملك عبدالله -رحمه الله- والمآسي التي يخلفها الإرهاب من خسائر بشرية ومادية.
وعلى الرغم من احتجاجات الكثير ورفضهم للعنصرية من الأوروبين في أنحاء متفرقة من العالم، قدم عن العنصرية عدة مشاهد البروفسور Kevin Dunn من جامعة Western Sydney قاد دراسة شملت أكثر من ستة آلاف شخص، وبحثت في عدة مسائل منها الاختلاف الثقافي، وتقبل مجموعات معينة وكذلك التسلسل الهرمي العنصري. فيقول إن خمسين بالمئة من الأبروجنيين ممن شملتهم الدراسة اعترفوا بمواجهة تمييز عنصري إما في خلال فترة الدراسة أو في عملهم.
أما نسبة المسلمين الأستراليين الذين يواجهون تمييزاً عنصرياً، فهي أعلى إذ تبلغ ستين بالمئة من المسلمين الذين شملتهم الدراسة، بحسب البروفسور Kevin Dunn ويضيف أي أن الارتفاع المتزايد في نسبة التمييز العنصري خلال السنوات العشرة الأخيرة أصبحت مشكلة ملحّة يجب النظر إلى إيجاد حل لها، من تمادي التأثيرات فبذلوا كل مافي وسعهم ليحذروا من المخاوف النامية محلياً وعلى انعدام الثقة المتبادل بين السكان والمهاجرين.
وهذا الرفض يفضح تلك الحركات الحزبية المتطرفة التي تعطي إشارة انطلاقة إلى الانسلاخ من الإنسانية بمزيد من التعارضات التي يتم إنتاجها تنصيباً لأوهام متجددة ومراوغة خبيثة، ولاشيء أشد بؤساً من تلك الممارسات الوحشية بإيعاز من مستوى عقلي متدنٍ يحمل إيقاعات غامضة لخوض صراع غير واع بذاته ولا بمجتمعه وكيانه وسياسته.
من هنا ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر بنشر مقاطع التسجيل المرئي بالبث المباشر لإطلاق النار العشوائي على المصلين وتم تداوله مما أثار الهلع بين الناس، وهذه ظاهرة خطيرة يتحملها البيان العنصري لمنفذ العملية الإرهابية الذي يظهر عبر الوسائل في ثورة غضب ثأري كسر قواعد الإنسانية وعوامل العدالة الأساسية.