ماجدة السويِّح
في الأزمات وحسن إدارتها، وبراعة التعاطي مع تأثيراتها فتش عن المرأة، فلن ينسى التاريخ «ميركل» وهي تأخذ بيد المهاجرين واللاجئين الهاربين من جحيم الحروب وزوارق الموت، كما لن ينسى العالم أيضا رئيسة وزراء نيوزيلندا بعد الحادث الإرهابي الأليم.
في الوقت الذي تعاني فيه نيوزيلندا من تبعات الحادث الإرهابي، وخسارة خمسين شهيدا في المسجد أثناء صلاة الجمعة، برزت صورة رئيسة الوزراء منذ الساعات الأولى للأزمة مع ذوي الضحايا والمصابين.
رأينا في تعامل «جاسيندا أردرن»، رسائل اتصالية عالية المستوى، في التعاطف وإدارة الأزمة بكل حزم واقتدار، فرغم الألم والخيبة من تلافي هذا الحادث المأسأوي، إلا أن الرضا عن تعاملها مع الأزمة كان واضحا على وجوه الأهالي والمجتمع المحلي، وكذاك المجتمع الدولي، الذي تناقل عبر الإعلام والشبكات الاجتماعية الرسائل الاتصالية الفاعلة، من خلال تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة، حينما أشارت إلى نوعية الحادث وربطته بالإرهاب، دون تنصل أو تخفيف من حدة الواقعة غير المتوقعة على المدينة الهادئة.
اتضح الجانب الحازم والإداري منذ الساعات الأولى للأزمة ومتابعة المستجدات، وإعلام الجمهور بالتطورات أولا بأول، لتنتقل بعد ذلك لتغطية الجانب الإنساني، وتقديم واجب العزاء لذوي الضحايا، ودعم الأسر المسلمة.
لم يتوقف الدعم والمساندة بل واصلت طمأنة المهاجرين والمواطنين، باتخاذ إصلاحات عاجلة تتعلق بقوانين بيع الأسلحة وتداولها، حتى يتم تلافي مثل هذه المآسي الإرهابية مستقبلا.
التعاطف مع المجتمع المسلم جاء بشكل عقلاني موزون في الكشف عن بعض الأسباب التي غذت العنصرية وفاقمتها الآن، ومنها شيوع خطاب الكراهية عبر الشبكات الاجتماعية، حيث طلبت من الرئيس الأمريكي حينما عرض عليها المساعدة تقديم التعاطف والحب للمجتمعات المسلمة.
لفتات بسيطة خلال الأزمة قربت تلك القائدة بمجتمعها، وخاصة المجتمع المسلم، ارتدت الحجاب احتراما للمسلمين وبكت على ما أصابهم بكل عفوية وبلا تصنع، استمعت لهم بكل اهتمام وانتباه، وهم يشكون ما حل بهم، ويقفون أمامها بكل أريحية واحترام، لأنها بكل بساطة تملك كاريزما، ومهارات اتصالية قلما تجدها في القادة.
وجودها وإدارتها للأزمة لفت انتباه العالم للنموذج النسائي المبدع، كما ساهم بلا شك بامتصاص غضب المتضررين، وأهاليهم بعد وقوع الاعتداء الإرهابي، وساهم في تكاتف السكان بمختلف شرائحهم وأعراقهم في تجاوز هذه المِحنة.
أخيرًا.. فتش عن المرأة بمهاراتها الاتصالية والاجتماعية العالية في القيادة المبدعة في عصر الإرهاب.