بريدة - عبدالرحمن التويجري:
شدد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، على أن ما تقدمه المملكة من خدمة للحرمين الشريفين منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- من توحيد الإمامة في الحرمين الشريفين، وصرف الميزانيات الضخمة لتوسعتهما، ينطبق عليه المصطلح العلمي (شرعية المنجزات). مشددًا على أنه إذا كان هناك من شرعية في أي منجز فإن خدمة الدولة-أعزها الله- منذ عقود مضت للحرمين الشريفين تعكس شرعيتها لمنجزاتها؛ كونها بذلت من خيراتها التي اكتشفتها من باطن الأرض، وترجمتها منجزًا على ظهر الأرض.
وقال سموه: كثير من المسلمين لا يعلمون كيف كانت أحوال الفوضى وانعدام الأمن في الحرمين الشريفين قبل دخول الملك عبدالعزيز -رحمه الله-؛ إذ كان لهما أربعة أئمة لكل مذهب. وقد وفق الله سبحانه المؤسس لتوحيدهما، وأصبح جميع المسلمين يصلون خلف إمام واحد. وإن تلك نعمة عظيمة، تدل على صفاء عقيدة المؤسس، واهتمامه بوحدة صف المسلمين وقوتهم، وجمع كلمتهم.
وبيَّن سموه أن الهدف من تأليف كتاب الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وتوحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين هو خدمة لطلبة العلم، وإطلاع المسلمين داخليًّا وخارجيًّا لمن لا يعرف مثل هذا المنجز العظيم، ويأتي ردًّا على من يشكك في دور المملكة في وحدة المسلمين وخدمة الحرمين الشريفين. مشددًا على أن هذه البلاد المباركة شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين التي هي من أسمى وأنبل الأهداف التي سعى إليها الملك المؤسس -رحمه الله-. وعلى وسائل الإعلام التركيز على هذه الجوانب الوطنية، وعلى ما كنا عليه في السابق وما أصبحنا عليه من نعم ووحدة وتكاتف.
جاء ذلك في كلمة سموه خلال جلسته الأسبوعية مع المواطنين مساء أمس الأول بقصر التوحيد في مدينة بريدة، بحضور أصحاب المعالي والفضيلة ووكلاء الإمارة ومسؤولي القطاعات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال وأهالي المنطقة, التي كانت بعنوان (قراءة في كتاب الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وتوحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين)، قدمها الأستاذ الدكتور حسن بن فهد الهويمل, الذي بيّن من خلالها أن كتاب الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وتوحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين تناول من خلاله المؤلف الأمير الدكتور فيصل بن مشعل زاوية مضيئة من حياة الملك عبدالعزيز، وحملنا للتعرف على تفاصيل تلك الزاوية، ومدى قدرتها على لمّ الشمل، ورأب الصدع، وجمع الكلمة والهدف.
وأكد الدكتور الهويمل أن الكتاب استعرض شخصية الملك عبدالعزيز المبهرة والمستأثرة بكل المحامد، والمؤلفة لكل النفوس. مبينًا أن الملك عبدالعزيز من خلال مرحلة التكوين والتأسيس كان يخطو بالجزيرة العربية إلى عتبات التاريخ بعد أن ظلت على مدى 9 قرون خارج التاريخ من خلال إهمال الدولة العثمانية لها. مشيرًا إلى أن الكتاب اشتمل على بحث أصولي، تحدث عن الاختلاف وحسن الإدارة للملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ويدور حول الثبوت والفهم وطرق الجمع, إضافة إلى بحث فقهي مقارن, ودور الحاكم في حسم النزاع على ضوء «فإذا عزمت فتوكل على الله».
وبيّن الدكتور الهويمل أن المؤلف لم ينهل الحدث على نهج المؤرخين، ولكنه استدعى توحيد إمامة المصلين كمنطق يهدف للحفاظ على اللحمة الوطنية. مشيرًا إلى أن الكتاب منهج أكاديمي، اتسم بالوحدة العضوية والموضوعية، وتناول حدثًا واحدًا مفصليًّا في ظروف مأزومة خلال تلك الفترة؛ وهذا ما يعكس الوعي الكبير لدى المؤسس -رحمه الله- بمتطلبات المرحلة المتمثلة بالحرص على الوحدة وجمع الكلمة ولمّ الشمل وبراعته، ليس في الفعل فقط بل في حسن ممارسة الفعل من خلال توحيد الإمامة في الحرمين الشريفين. مشددًا على أن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قد تفادى ردة الفعل عبر طرح الفكرة على العلماء والأعيان وحفظ التوازن باختياره من كل مذهب ثلاثة أئمة، ومن المذهب الحنبلي الذي ينتمي إليه اختار إمامين. مشيرًا إلى أن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لو كان طالب حكم لأمضى وجود أربعة منابر في الحرمين الشريفين كما أمضاها غيره. مبينًا أنه لم يجرؤ أحد على مواجهة هذه الخطيئة طيلة تسعة قرون إلا بعد أن جاء الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وواجهها. موضحًا أن المؤسس لديه إيمان بمشروعية توحيد إمامة المصلين في الحرمين الشريفين، ولديه ثقة بنصر الله من خلال استنباطه للنصح والصدق والأمانة.