شريفة الشملان
كم هو شيء مؤلم أن نجد من ينكر علينا حزننا وألمنا على الحادث الإرهابي في نيوزيلندا. قد أخذ الإرهابي حريته وخرج من مسجد لآخر دون أن يوقفه أحد وبكل قبحه سجل جريمته ساحبًا أرواح ما ناف على الخمسين نفسًا زكية غير الجرحى.
لم تنشر الصور ولحق حماية المتهم حتى ثبوت جريمته تم تغطية وجهه وهذا الحق القانوني المفروض خسره لأنه لم يهمه ذلك ودليل ذلك سجل بالصوت والصورة جريمته الإرهابية الكبرى بينما سقط أناس ليس بينه وبينهم ثارات لا يعرفهم لم يفعلوا شيئًا وقفوا يصلون بين أيدي الله، فكانت بندقيته أسرع.
الإعلام سبحان الله يغمض عينًا ويفتح أخرى، نعم كانت رئيسة الوزراء متألمة جدًا وربما المفاجأة روعتها. وفعلا الجريمة مروعة.. ولكن الأخبار تنقل لنا بل وتنشر نص بيان السفاح قبل الحادث. يقال وصل قبل تسع دقائق، وهي كافية بكل تأكيد لمسكه وقانونيًّا أيضًا ووضعه بالحجز قبل أن يتم الجريمة. ولا ندري هل كانت وزارة الداخلية والأمن في سبات عميق، ليكن ذلك حقيقة لم نسمع أن الرئيسة التي كان الألم والحزن ظاهرًا عليها، هل اتخذت إجراء بحق من تهاونوا بأمن مواطنيها أيًّا كان جنسهم أو أصلهم أو دينهم؟ رئيسة الشرطة أشهرت على الملأ إسلامها، ذاك لها ولكن كان بإمكانهم التحرك قبل الجريمة.
من حقنا أن نسأل لماذا الإعلام بحث ليومين ثم غير البوصلة.
كان جميلا ما يفعل مواطنو نيوزيلندا بتعاضدهم ومساندتهم وبكمية الورود التي وضعت في مكاني الحادث الإرهابي الإجرامي وهذا شيء يحسب لهم ويوضح مدى المساندة ومدى التكاتف مقابل العجز في الإعلام ككل، لم يبحث لم نسمع ونشاهد عن الحالات الإنسانية عن الأمهات الثكلى عن الأطفال الذين توفوا، عن آباء تنتظرهم أسرهم حتى كانت ضربات السفاح أسرع.
لم نر أمًّا استشهدت وصغارها حواليها هذه المشاهد يقال كلها منعت لقسوتها. نعم هي مشاهد قاسية وأقسى منها الجريمة الإرهابية التي نفذت.
القسوة أكبر عندما نجد من يعبر بطريقة مؤلمة وكأنه يقول إنها بضاعتنا ردت إلينا، ما يؤلم أنهم لا يخجلون والناس في قمة الألم وهم يغردون بذلك.
المشكلة أنهم من بعض قادة الرأي والبعض يكن لهم احترامًا وتميزًا.
لماذا علينا أن نجلد ذواتنا لم نكن يومًا شريرين. ولم نقاتل من لم يقاتلنا.
نعم جرت حروب كثيرة في العالم القديم قبل أن توجد أمريكا. والحروب عرفتها البشرية منذ أن استقر الإنسان وعمل الممتلكات والممالك.
حروب بين وادي الرافدين سومر وأكد والدولة الآشورية من جهة والفراعنة في مصر من جهة أخرى وحسب ما درسناه أنه تمت مصاهرة بين الامبراطوريتين. قبل التاريخ ألف كاتب صيني (سون تزو) كتاب (فن الحرب) صب فيه تجربته وهو الجنرال مع الحرب والنصر.
الحروب موجودة ولكن لم تكن هناك إبادات جماعية كما حدث في أمريكا ولا ينسى التاريخ البطانيات الملوثة ببراغيث الكوليرا التي قضت على أكثر من نصف سكانها الأصليين، ولم يكن للعرب والمسلمين دخل فيها.
عندما قدمت جيوش عرمرمية تجمعت عبر أوربا لتغزو العالم العربي الإسلامي، في حرب صليبية أعادها فيما بعد بوش الابن (الحروب الصليبة) عندما قرر غزو العراق وعلى رؤوس الأشهاد، لم يكن لنا يد فيها.
الحروب التي تمت بيننا وبين الغرب لم نخترها وما رغبنا بها.
أعود لبضاعتنا التي يرون أنها ردت لنا.
لم يذهب شبابنا طوعًا ورغبة بالقتل في أفغانستان وإنما بتحريض أمريكي بريطاني وقوة دفع إعلامي عبر كل الوسائل بما في ذلك الكليات والمدارس.
جيلنا يتذكر بكل تأكيد مارجريت تاتشر وريغان وهما يخطبان في صفوف (المجاهدين) يدفعان بهم في أتون حرب لا ناقة لهم ولا جمل فيها. وانتهى الاتحاد السوفيتي وكان المجاهدون بلا جهاد فأنكرتهم المطارات والطرق والعواصم. وهنا صارت المشكلة وكبرت ولقحت وتوالدت.
سيطول ما أقول ويكثر، ولكني أختصر كلماتي موجهتها لمن راح يتشفى وهو منا وفينا وكأننا نحتاج لمبيد يرش علينا ونتقبل كل ذاك بخنوع. لم تكن تلك بضاعتنا ولم نعرفها يومًا.
أخيرًا
اللهم يسر لنا من أمرنا رشدا، وبارك لشهدائنا بكل عمل عملوه وزدهم فهم أحياء عندك يرزقون.