علي الخزيم
بيننا أناس مُغرمون بل مهووسون بالاعتراض والتشكيك بأي بادرة أو برنامج حكومي لصالح المجتمع، وأكثر أولئك إنما يعترضون لجهلهم بالموضوع المطروح والأفكار البناءة المتفرعة منه والنتائج الطيبة المتوخاة، على قاعدة: الناس أعداء لما جهلوا، وديننا الحنيف بمصادره السمحة الراقية حثنا على (الأناة والتبصر) قبل اتخاذ المواقف والقرارات، (إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ) كلمة قالها رسولنا المصطفى لأشج عبد القيس، وهي نبراس لنا إلى يوم الدين.
وبالمصادفة اطلعت على مختصر (برنامج الحماية الشخصية) لتوعية الأطفال ضد التحرش الجنسي والعنف الأسري ضمن خطط الإرشاد الطلابي بمحافظة البكيرية بالقصيم (بنات)، وعَلِمت أنه عامٌ للمنطقة ولكافة مناطق المملكة، غير أن الأسلوب الذي تتبعه المشرفة يبدو لي أنه مميز، حيث إن كل مشرفة على نطاق تعليمي تبرز مواهبها وأفكارها الجيدة بهذا الصدد، والهدف واحد وهو يصب في مصلحة فلذات الأكباد لحمايتهم؛ وإعطاء الطفل حرية الحوار والتحدث عن نفسه، فالبرنامج يعلم الطفل كيف يدافع عن نفسه ويُبلغ أقرب مصدر أمان له بما تعرض له من أذى، كما يتم تدريب الطالبات على طريقة التخلص من المتحرش وعدم الخوف منه بل مقاومته بشجاعة.
وبكل منطقة -كما يقال- يظهر من يعارض هذه البرامج من بعض أولياء أمور التلاميذ، وحجتهم أن البرنامج (قد) يفتح مجالاً للطفل للسؤال عمَّا لا يعنيه (وقد) يرتكب أخطاء أخلاقية عند معرفته لمعنى التحرش الجنسي، وهذه هواجس ومخاوف تعتريها (قد) المُشككة بكل مشروع وبرنامج وطني ينشد التطور والتحضر وخدمة المجتمع والرقي به للأفضل، تقول المشرفة التعليمية -مريم خ- نحن بزمن معلوماتي ضخم؛ فالطفل بدأ يبحث بنفسه عمَّا يجول بخاطره ولا بد من الرد على التساؤلات بشكل علمي دقيق فإن لم تُشْبَع هذه التساؤلات فسوف يلجأ الطفل إلى البحث والتحري وقد يتلقف معلومات خاطئة ويقع بتجربة متحرش! ودعت كافة الآباء وأولياء الأمور لمزيد من التفاعل مع مثل هذه البرامج التوعوية للوصول بالأبناء لقناعات إيجابية بضرورة تَفَهّم معاني التحرش ومقاصد المتحرشين والأضرار النفسية والبدنية والاجتماعية على من وقع عليه التحرش أو الاعتداء، كما عبَّرت عن ارتياحها وزميلاتها من المشرفات والقيادات التعليمية والمعلمات عن سير البرنامج والنتائج الإيجابية الطيبة التي أثمرها وتفهمها الكثير من التلاميذ والأهالي بالمحافظة، وتأمل أن تكون ذات النتائج والثمار متحققة بكل المناطق، مؤكدة ان استمرارية تفعيل هذا البرنامج وأمثاله سيوفر أجواءً ومناخات آمنة لأحبابنا الصغار ولتطمئن قلوب الكبار عليهم، إِذ إنها باتت ضرورة وحاجة ماسة للمجتمع لحماية اطفاله من خطر الأشرار.
في دولة الإمارات الشقيقة تنفذ الآن مبادرة (السلامة الرقمية للطفل)، وقد بُنِيت على حقائق منها: 87 في المائة من الأطفال يقضون وقتًا طويلاً على الإنترنت، و31 في المائة يتعرضون للتنمر، وأن نحو 90 في المائة من الأهالي يُقِرُّون بخطورة ترك الأطفال يتصفحون الإنترنت دون إشراف، فمثل هذه المبادرة والبرنامج السعودي تُعزز حماية الطفل وتُحَصِّنه مما يواجهه على الشبكة العالمية، والمطلوب تأهيل المعلمين وتوعية المواطنين بذلك.