د.عبد العزيز الصقعبي
منذ زمن كانت هنالك مبادرة لإضافة المسرح لفعاليات الجنادرية، وفعلاً تكوّن هنالك نشاط مسرحي وأصبح مهرجانًا على هامش المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وبعد ذلك كانت هنالك مبادرة لإضافة المسرح ضمن فعاليات سوق عكاظ، وكان ذلك، وكان للمهرجانين وبعض المبادرات المتعثرة لعدد من فروع جمعية الثقافة والفنون، أثر في إبقاء فعل مسرحي بوجود عدد مخلص من المسرحيين في المملكة. تذكرت ذلك وأنا أتابع فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، حيث كانت هنالك مبادرات خجولة سابقًا لإضافة بعض العروض المسرحية ضمن فعاليات النشاط الثقافي على هامش المعرض، وهذا العام كان نصيب المعرض ثلاثة عروض إضافة إلى ندوة عن مستقبل المسرح.
السؤال هنا.. لماذا المسرح يبقى على هامش الأحداث الثقافية؟
أتمنى أن تكون مشاركة المسرح في معرض الكتاب، هي آخر المشاركات التي تجعله يدخل ضمن دائرة (على هامش)، وأنا التمس العذر لكل المسرحيين الذي يفرحون بهذه المشاركات، لأنهم يبحثون عن موقع وجمهور، ولو كان ضمن برامج ترفيهية احتفالاً بالأعياد.
لنرفع سقف الرغبات عاليًا، ونطرح أمنية إيجاد «هيئة عامة للمسرح» تحت اشراف وزارة الثقافة، تقوم بالإشراف على الفرق الأهلية وتنظيمها، وتأسيس معهد للفنون المسرحية، ليخرج كوادر تعمل في القطاع المسرحي، والإشراف على المشاركات الخارجية، لتقديم صورة جيدة عن المملكة.
نحتاج إلى تغيير الصورة السلبية، وحقيقة ليست صورة واحدة بل صور متعددة، فهنالك من يرى أن المسرح يدخل تحت دائرة المكروه، وهنالك من يرى أن المسرح يدخل تحت دائرة الترف، الذي لا أهمية له، وهو يعد من الكماليات، وهنالك من يرى أن المسرح لا يحتاج كل هذا الاهتمام، لكونه مجرد تمثيل أو بمعنى أدق مجموعة من البشر يجتمعون ليقدموا عرضًا أشبه باحتفالية بعض الرقصات الشعبية التي يصاحبها إلقاء بعض الأشعار والتغني به.
قديمًا قالو «المسرح أبو الفنون»، الأبوة هذه لم تأت من فراغ، بل لكونه يشتمل على كل أنواع الفنون، من موسيقى وتشكيل، وغيرها، إضافة إلى تقديمه الثقافة والمعرفة، وأغلب كلاسيكيات المسرح العالمي تحفل بالأحداث التاريخية التي بكل تأكيد تضيف كثيرًا من المعرفة لجمهور المسرح. منذ مدة طويلة لم أكتب عن المسرح، خوفًا من تكرار الندب والتباكي على وضع المسرح هنا، واجترار مقولة المسرحي الراحل سعد الله ونوس « نحن محكومون بالأمل» التي يجعلها البعض كبسولة مهدئة لصداع المسرح. وعلى الرغم من ذلك نُبقي الأمل، وأعتقد حاليًا الأمل كبير بوجود وزارة للثقافة، التي أثق أن هنالك من يعي أهمية المسرح، وفي ظل برنامج جودة الحياة الذي يعد من ضمن برامج تحقيق رؤية 2030م، الذي يسعى لتنمية مساهمة المملكة في الفنون والثقافة، بكل تأكيد سيكون مستقبل المسرح مختلفًا، ومتميزًا.
لذا فلنتوقع أن يكون هنالك تصور جديد يحدد الجهات المختصة بتقديم مسرح وطني مدعوم من الدولة، وفرق أهلية تعتمد على الدعم الذاتي وفق إمكاناتها وقدراتها، من جانب آخر يكون هنالك لوائح وتنظيمات تحدد كل ما له علاقة بالمسرح، بعيدًا عن الارتجال.
من المهم ألا يبقى المسرح على الهامش، المسرح فعل ثقافي كبير، فكما يحدث لنا ولكثير من المهتمين بالثقافة، حين نذهب إلى القاهرة لحضور معرض الكتاب «كمثال»، نحرص على الذهاب إلى المسرح القومي لمشاهدة عرض مسرحي، ليكن المسرح حاضرًا، وبعيدًا عن الهامش.