د. محمد عبدالله الخازم
أصدرت وزارة الثقافة إستراتيجتها وهي الأحدث والأضخم محتوىً ضمن الجهات المعنية بالثقافة والترفيه والسياحة والتراث. وتضمنت الإستراتيجية 27 مبادرة تنتمي إلى قطاعات اللغه، التراث، الكتب والنشر، الموسيقى، الأفلام والعروض المرئية، الفنون الأدائية، الشهر، الفنون البصرية، المواقع الأثرية والثقافية، الطعام وفنون الطهي، الأزياء، المهرجانات والفعاليات وغيرها. بعيدًا عن التفاصيل يلفت الانتباه في العناوين استخدام مفردات الثقافة، الموسيقى، المهرجانات، المواقع الثقافية، وهذه الأمور جزءا من مكونات الثقافة في مفهومها العام، لكن التقسيم الإداري الحالي قسم تلك المكونات إلى مرجعيات مختلفة، حيث توجد هيئات السياحة والتراث، الترفيه والرياضه. وزارة الثقافة حينما جاءت متأخرة في العمر وجدت بعض مكونات الثقافة موزعة على هيئات أخرى ولا ندري كيف ستتعامل مع هذا الأمر؟ إستراتيجيتها تشير إلى قيامها بما تقتضيه مكونات الثقافة رغم تكرر مفردات وأفكار يجري تنفيذها لدى هيئات أخرى. المسرح والموسيقى والعروض من مكونات الثقافة لكن هيئة الترفيه تقوم بتلك الأعمال فكيف سنفرق بين ما هو تابع للترفيه وما هو تابع للثقافة؟ التراث تشرف عليه هيئة السياحة لكن وزارة الثقافة الآن تعلن عنايتها به، فكيف سيتم حل التداخل هذا؟ مهرجان عكاظ وهو مهرجان ثقافي تشرف عليه هيئة السياحة لكنه ثقافي بامتياز، فكيف ستتصرف وزارة الثقافة معه؟
أعلم أن هناك فلسفة إدارية لها روادها؛ عندما تهتم بأمر ما أو تريد إبرازه أسس له جهازًا إداريًا مستقلاً، وربما كان هذا مبررًا لتأسيس هيئة الترفيه كمحاولة تأكيد على اهتمام الدولة بقضية الترفيه والترويح والإسعاد المجتمعي ومحاولة دعمها إداريًا واقتصاديًا. الترفيه أمر مهم، كصناعة وكوسيلة إسعاد للمجتمع والناس، وكذلك السياحة والتراث وهي الأقدم، لكنني -على الأقل من الجانب الإداري- أتساءل عن إمكانية إعادة النظر في فكرة هيئة الترفيه وهيئة السياحة ووزارة الثقافة والتفكير الجاد في ضم شتات الثقافة والسياحة والتراث والترفيه تحت مظلة جهاز إداري واحد؛ وزارة الثقافة والسياحة. وزارة الثقافة والسياحة ستشمل كل عناصر الترفيه والثقافة والسياحة والتراث، وستجنبنا الازدواجية بين أكثر من قطاع وخلق فراغات في المسؤوليات والمهام والمنجزات.
نريد مرجعية واحدة قوية للسياحة والثقافة، تكون مهامها تشريعية تنظيمية وتحفيزية، ليتاح لبقية القطاعات وبالذات القطاع الأهلي تأسيس وتنظيم المشاريع والنشاطات الثقافية والسياحية والترويحية والترفيهية والتراثية. ولا بأس في تأسيس شركات مستقلة تعنى ببعض الجوانب التنفيذية، التي قد لا يستطيع القطاع الخاص تنفيذها مثل شركة تنظيم الفعاليات الترفيهية والثقافية مثلاً، أو هيئات تنفيذية مرجعيتها الوزارة كهيئة الإشراف على النزل السياحية من فنادق وما في حكمها.. إلخ. الفكرة هنا هي توحيد القطاعات الثلاث تحت مظلة مرجعية إدارية واحدة، سواء بدمجها أو بقائها كهيئات مستقلة مرجعيتها الأم هي وزارة الثقافة والسياحة والترفيه. أو الثقافة والسياحة والتراث.
إذا لم يتم دمج الترفيه والسياحة والثقافة في وزارة أو هيئة واحدة، فنحن نحتاج إلى إعادة تعريف مهام كل جهة من الجهات القائمة لنفهم كيف تقوم بدورها دون تعارض أو ازدواجية مع الأخرى. نحتاج جهة عليا تنسق الأدوار وتضمن تكاملها بين القطاعات الثلاثة.