د. خيرية السقاف
لعل من أميز ما تحقق للناس هذه الحقبة المشرقة في تاريخ الوطن، أن تمكن الجيل المخضرم والناشئ من رؤية الكثير من منجزات النقلة الحضارية الفارهة وهي تمس البلاد بفرشاة ألوانها فتحيل الطرق الشاسعة سبلا متعددة النوعية، والإمكانية، والقدرة بحيث تمكن الناس من اكتشاف ما في الوطن من مخابئ الجمال، ورفاه الطبيعة، وكنوز الآثار، في هذا التنوع الجغرافي لتركيبتها، في براح السعة المكانية لها، وما تحتويه فيها من تعدد ظواهر الجغرافيا بين السهل، والمرتفع، والهضاب، والحقول، والصحراء، والجزر، المنقوشة بخطوات من مر مدَّ تاريخها، وترك فيها شيئًا من عجينة حنطتها شعرًا، وإرثًا ثقافيًا، وعلميًا، وآثار حضارات سادت ثم بادت، وبقي في الأرض مخزون الأنفاس، والبصمات، والأصداء تلك التي غيب ظاهرها، وطمس باطنها حتى جاءت هذه الحقبة فقشعت عن سطح الأرض مكنونها، وأزاحت عن مداها أكماتها وغدا الوصول إلى اتجاهات الوطن ميسورًا متاحًا بالصورة، وبالحضور حيث لم يكن المرء عارفًا بكل هذا المكتنز من الجمال، والطبيعة، والذخائر التاريخية، الدائمة، والممتدة في كمون أرضه، وعلى سعة سطحه، فغدا كل ذلك متاحًا بين قريبٍ يسيرة سبل الوصول إليه، أو بعيدٍ كان مجهولاً فتيسر الوصول إليه من جزئيات هذا الوطن العظيم بثقل مداه، وبراح امتداده، ووثيق ثباته..
كم تبهجنا حقائق الطبيعة الخضراء بين المرتفعات التي لم نكن نراها، بل نجهلها فنقلتها لنا وسائل توثيقها وعرضها، وكم أسعدتنا متاحات الوصول لآثارنا بعد أن كانت في غياهب المجهول، وكم امتددنا بهذا الاكتشاف لآثار مدننا شمالاً، وجنوبًا، وشرقًا، وغربًا وهي بين عيوننا، في ملمس كفوفنا بعد أن كنا نجد شيئًا من تاريخها بين الأسفار المسطورة، ونغفل عن الكثير منها..
إن هذه الحقبة بالغة الأهمية، عرَّفتنا ما نجهل من ذخائر الوطن، كشفته لنا، قرَّبتنا منه،
أزاحت عن المغمور فأظهرته، وأبانت عن الكامن فأخرجته،
وإننا لمحظوظون أن شهدناها، وإننا لمؤتمنون على أن نشهد حقا لها، لا مراء فيه،
فتشهد بذلك كلماتنا التي ستبقى بعد أن نفنى..
فتحية بالغة الشكر، عميقة الامتنان لرجل هذه النقلة الباذخة الثراء ذات الصفات العديدة التي قد لا تحصى، رجل هذه الحقبة التي صنعها، وسجل بها بدء التطور، والإنجاز، والإضافة المميزة، بل التأسيس لمستجدات حضارية عظيمة في الوطن،
تحية للأمير الطموح الشاب النابه، محمد بن سلمان، ولي العهد الذي أمسك بصولجان هذه النقلة وبدأ، وأنجز، وعرَّفنا ما لم نكن نعرف من تفاصيل أرض الوطن الزاخرة، وتفاصيله الممتدة.
وفقه الله، وسدد خطاه..