أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: لبس العمامة عند كثير من البادية ظاهرة سؤدد كما قال شيخ العجمان (راكان بن حثلين) يمدح الإمام (سعود بن فيصل) - رحمهم الله تعالى:
ذي ديرة الحاكم كبير العمامة
اللّي نحى عنها طوابير الأروام
يعني الرّوم؛ والمراد فلول النصارى واليهود عندما حلّوا في بحار الخليج العربي؛ وهو جزء من المملكة العربية السعودية؛ وقال يمدح شيخ قحطان (محمد بن هادي بن قرملة):
تلفي لابن هادي كبير العمامة
شيخ ورمحه مع هل الخيل مرسوم
وهو في ذلك على سنّة الفخر العربي في الشعر الفصيح كقول أبي الشّغب العبسي:
فجاءت به سبط العظام كأنما
عمامته بين الرجال لواء
ومع هذا حصلت مشادّةً بين بعض مشايخ نجد: هل العمامة سنة، أو عادة؟
قال أبو عبدالرحمن: ربّما كان (ابن بطيّ)؛ وهو من أرحام والدي رحمهما الله تعالى: هو القائل:
يا منكراً فضل العمامة إنها
من هدي من قد خصّ بالقرآن
ورد عليه الشيخ (سليمان بن سحمان) بقصيدة طويلة قال فيها:
إن العمامة لبسها من هديه
في العادة المعلومة التّبيان
وقال الشيخ (عبدالعزيز بن سودا) من أهل حريملاء، وكان قاضياً في الأرطاوية وقرية:
عمامتكم هذي ليست بسنة
ولكنها لبس قديم وجائز
حدثني بهذا البيت فضيلة الشيخ (عبدالعزيز بن الشيخ عبدالرحمن ابن الشيخ محمد بن ناصر بن مبارك) -رحمهم الله تعالى- وكنت جاره وحميمه في حيّ سلطانة، وحدّثني أن (ابن معيلي) قال:
تكاثروا يا شيخ لبس العمامة
يالله عساي اجلس لطّلابة الخير
فقال الشيخ (عبدالله بن فيصل بن سلطان) قاضي الشعيب والمحمل آنذاك:
يا قايل الدين لبس العمامة
ظنّك بعيد يا قليل التفاكير
الدين تقوى الله وفيه الكرامة
ما هوب من يجعل على الراس تكوير
هذا بعض من قصة العمامة في بيئتنا النجدية؛ وإنّ ذلك لأصداء لجلالها على مدار تاريخنا الجهوري؛ وآخر يرقّصه الفخر بمعادلة بين الرمح والعمامة؛ إذ قال:
تلوث عمامةً وتجرّ رمحاً
كأنك من بني عبد المدان
وهذا (أبو الطيب المتنبي) قد جعل العمامة معادلةً الهويّة العربية في هجائه:
وما كنت أرجو طيّئاً أن تسبني
وهم نبط لم تعتصب بعمائم
وفي هذه المعركة شخصان آخران هما (الصقّار)، و(ابن قهدان)، بدليل قول (ابن عثيمين) في الرد عليهما دفاعاً عن (ابن سحمان):
وما قاله الصقّار آية جهله
وعنوان بطلان العقيدة والقصد
لعمرك ما التقوى بلبس عمامة
ولا تركها فاسلك سبيل أولي الرشد
وقل لابن قهدان رويدك إنما
تسير على نهج من الجهل ممتدّ
وقد ذكر (ابن سحمان) رجلاً اسمه (عبدالله بن دامغ) يحكم بردّة من لبس العمامة ثم ترك لبسها .. انظر (الدرر السنية) 6/467؛ وللشيخ (ابن سحمان)؛ تعليق على فتوى بعض المشايخ في العمائم؛ وسأذكر إن شاء الله تعالى نصّ المشايخ؛ ثم تعليق الشيخ (ابن سحمان) .. وسُئل الشيخ (عبدالله بن عبدالعزيز العنقري) عن العمامة هل هي سنة، وما الفرق بينهما وبين العقال؟؛ فأجاب بقوله: (العمامة المسؤول عنها من المباحات التي أباحها الله ورسوله، وإنما يستحبّ منها ما قصد به موافقة رسول الله في هيئة لبسه كلبسها مع إرخاء الذؤابة دون لبسها على هيئة العصابة؛ فإنها حينئذ لا فرق بينها وبين العقال المعروف، ولهذا نصّ العلماء -رحمهم الله تعالى- من أصحابنا وغيرهم على أنّه يشترط لجواز المسح عليها أن تكون محنّكةً، أو ذات ذؤابة؛ وأما العصابة فلا يجوز المسح عليها عندهم).. فإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.