علي الخزيم
وردني اتصال (من هاتف جوال) مرتبك يقول أنت فلان؟.. نعم، هل لديك سيارة النوع الفلاني؟.. نعم، لكن من أنت؟.. أنا من المرور؛ وأنت ارتكبت حادث دهس وهربت!.. يا رجل أنت أيقظتني من النوم فكيف أكون مُتهماً، حتى بالحلم لم يحصل هذا؟!.. نهرني المتصل: خلاص؛ وقطع الاتصال.
الاتصال كان من جوال؛ ورجال المرور يعرفون أن التبليغ يكون من مصدر معروف غير مجهول، وبِلهجة واضحة لا غموض فيها ودون إرباك لمن تُبَلِّغه بالحادث فقد يكون هناك لبس (وهو ما حصل بالفعل)، وقبيل الظهر وصلت رسالة مرورية تبلغني بمراجعة قسم المرور الواقع باتجاه مكة المكرمة، ذهبت واتصلت برقم الجوال إياه؛ فبادرني بكلام جاف ممجوج لا يدل على وعي ولا مسؤولية؛ وقطع الاتصال للمرة الثانية، كيف يكون هذا من يخاطب الجمهور؟!.
توجهت لممر يزدحم بالمراجعين ولا يكاد يستوعبهم على أمل أن يكون هو مقصدي، وسألت؟ فقالوا: من هذا الشباك، وكان الجو حاراً والنوافذ مُفتحة رغم أن التكييف يعمل! سألت الجالس خلف الشباك عن وِجْهَة الحادث؟ فأجابني بكل لطف أن (الكمبيوتر مُعطل) الآن وعليَّ الانتظار، خلال الانتظار سألت فرداً يجلس على كرسي الاستقبال بالداخل عن دورة المياه أعزكم الله؟.. فأجاب بأنه لا يوجد سوى دورة المديرين فوق، ونصحني بأن أتوجه للمسجد بآخر الشارع يمين لعل مغاسله تكون مفتوحة! وعدت للشباك فأفادني بأن هناك اشتباه وخطأ برقم اللوحة، وأرشدني كيف أبدأ المشوار.
بدأت مشوار الركض لشطب الحادث من سجلي المروري وإلغاء خطأ المرور، هم الذين يُخطئون وأنا الذي أهرول لإلغاء الخطأ (بين الناصرية وقسم القِبْلَة)، يقول أحد القياديين بالمرور إن التقنية خدمتنا لإنجاز الكثير، لكنها لم تخدمنا لتصحيح الأخطاء لأنها لم تُبَرمج عندنا لهذا الغرض، وأستطيع أن أقولها بعبارة أخرى: تقنية المرور تورطك (سهواً) بمخالفة قد تكون عويصة وتبعاتها قاسية، وتلتصق بسجلك المروري والأمني والتأميني، ولكنها لا تنقذك منها؛ وإن حدث فبشق الأنفس! وسأختصر بنقاط سريعة:
- يفترض أن يكون الإلغاء تلقائياً من طرف المرور مباشرة لمثل هذه الأخطاء، وإشعار المعني بذلك عبر رسالة واعتذار ومستند مُوثَّق يُفيد بالإلغاء وعدم علاقته بالحادث، حققوا رؤية القيادة الكريمة.
- بالإدارة العامة لمرور منطقة الرياض بالناصرية ضباط يعاملونك باحترام وتقدير وتفاعل جيد، غير أن مدير شعبة السير يتميز بما يملكه من مِهنية عالية وحِسٍ إنساني وروح قيادية مرنة فعالة.
- مما رأيت وعايشت استشف أن قواعد معالجة القضايا وقانونها المروري متذبذب متأرجح وكلٌ يفسره بطريقته، إذ إن موضوعك سيقفز من مكتب لمكتب بسبب تعدد الآراء وليس بسبب التقاعس عن العمل فكلهم نشاط وحيوية ولكن (برؤية ضبابية).
- قد يرى القائمون على شئون المرور ضرورة إيجاد صِيغ محددة وقواعد تنظيمية تتضمن حلولاً لمجمل القضايا والحوادث المرورية وتحديد صلاحية كل إدارة بوضوح، وآلية وضوابط الإحالة من إدارة لأخرى، لتكتمل الصورة الجميلة لجهاز المرور.