عن (دار الأندلس للنشر والتوزيع) صدر حديثًا كتاب (حائل قبل مئة عام) لمؤلفه الأستاذ/ سليمان عبدالعزيز العتيق بطبعته الثانية، بعد نفاد الأولى خلال زمن قصير ووجيز من تاريخ صدورها عام 2007م، نظرًا لأهمية الكتاب ومادته التاريخية القيمة التي يتضمنها، وعنوانه المشوق، الأمر الذي جعل كثيرًا من القراء والمهتمين بالدراسات التاريخية للمملكة العربية السعودية ومدنها ومحافظاتها وقراها يقبلون عليه وتتلقفه أيديهم، ويحظى باهتمامهم.
ويقع هذا الكتاب في 189 صفحة من القطع المتوسط، تم تقسيم مادتها إلى سبعة فصول، كل فصل منها عبارة عن قصة أو حكاية تناولها الكاتب بطريقة السرد التاريخي القصصي لمجموعة من الحوادث التاريخية التي حدثت لبعض الأشخاص من أهالي مدينة حائل القديمة، أي قبل ما يقارب 100 مئة عام مضت، كما يدل عليه مسمى الكتاب ذاته.
ومن الطريف أن يكون الكاتب نفسه طرفًا مهمًا في هذه القصص والحوادث التاريخية للمنطقة وأهلها، فهو - وإن لم يكن من معاصريها وقت حدوثها مباشرة، نظرًا للفارق الزمني الكبير بين تلك الفترة التي وقعت فيها مثل تلك الحوادث وبين العصر الراهن الذي يعيشه الكاتب- إلا أنه عاصر بعض شخصياتها من كبار السن من أهالي المنطقة، الذين كانوا الأبطال الفعليين لهذه القصص، وقد حكى له بعضهم أثناء حياتهم - كما يبدو - تفاصيل هذه الحوادث والوقائع عن طريق الرواية الشفهية، فبقيت في ذاكرته زمنًا طويلاً حتى جاءته - فيما بعد- فكرة جمعها في هذا الكتاب وكتابتها وصياغتها بأسلوبه الخاص صياغة أدبية علمية تاريخية.
وقد أبدى (العتيق) مهارة أدبية وتاريخية فائقة في تناوله ومعالجته لتلك الحوادث، ووصفه للمظاهر الطبيعية والحياة الاجتماعية القديمة للمنطقة وأهلها من عادات وتقاليد وقيم أخلاقية ودينية وإِنسانية خلال تلك الفترة، واتسمت لغته بالبساطة والوضوح وأسلوبه بالدقة وتسلسل الأفكار وترتيبها وترابطها.
ولذلك يعد هذا الكتاب إضافة جديدة قيمة لمنطقة حائل وتاريخها وأهلها وسكانها القدامى بوجه خاص، ولتاريخ مملكتنا الحبيبة بوجه عام، فهو شاهد حي لا يزال قائمًا على حياة هذه المنطقة الغالية من بلادنا وتاريخ أهلها القدامى وما كانوا عليه وما هم عليه حاليًا من كرم وشجاعة ومروءة ووفاء وإخلاص، وما بينهم من تكاتف اجتماعي وإيثار مشهود سواء كان بين أنفسهم أو بينهم وبين الآخرين القادمين إلى (حائل) في الزمان السابق، من عابري السبيل، الذين يجدون من أبنائها كل حفاوة وتقدير واحترام.
** **
- حمد حميد الرشيدي