د.عبد العزيز الصقعبي
قيل قديماً رضا الناس غاية لا تدرك، تذكرت ذلك عندما أُعلن عن حفل إطلاق رؤية وتوجهات وزارة الثقافة، تم دعوة عدد كبير من الأدباء والفنانين ومن له علاقة بالثقافة للحفل، بالطبع الأعداد كبيرة، ولم يتم دعوة الجميع، لذا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي عبر بعض المثقفين عن استيائهم لعدم دعوتهم للحفل.
وفي ليلة الحفل استاء بعض المدعوين من جلوسهم على مقاعد في الخلف، وكان من المفترض أن يكونوا في الصفوف الأولى، واستاء آخرون من الحفل لجعل المساحة الأكبر للأوبريت الغنائي، وهم متشوّقون لمعرفة ما للوزارة من جديد.
آراء متعددة كلها تدور حول حفل تدشين، وجدل كبير بدأ ولن يتوقف، قد يكون المحور عدم الرضا، ولكن بالمناقشة وإيضاح أسباب عدم الدعوة أو موقع المقاعد أو الحفل، قد يقتنع أغلبهم ويبدون بعد ذلك رضاهم ودعمهم.
فئة أخرى ينطبق عليها المثل الشعبي «لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب»، لذا لا بد من انتقاد كل أمر والتشكيك بكل تصرف، ولن يكون هنالك رضا مطلقاً.
شغل وزارة الثقافة الرئيس يرتبط بتلك الشرائح من الأدباء والفنانين والباحثين والكتّاب وجمهور عريض من القراء وحاضري العروض المسرحية ومشاهدي الأفلام السينمائية ومرتادي المعارض التشكيلية، شريحة كبيرة جداً، كل يوم تزداد وتتوسع، مع انتشار الوعي والتعليم والمعرفة.
الصوت الأقوى لتلك الشرائح هو صوت الناقمين، أو غير الراضين عن الفعل الثقافي.
وبمتابعة بسيطة نجد أن كثيراً من الأدباء غير راضين عن وضع الأندية الأدبية، وكثيراً من الفنانين غير مقتنعين بأداء جمعيات الثقافة والفنون، بالطبع قد يكون العيب ليس بالأندية أو الجمعيات، ولكن كل واحد يرغب بأن تكون المؤسسة الثقافية وفق هواه، ويرى أن رأيه هو الصحيح.
من هنا نقول إن مهمة الجهاز القائم على الثقافة ليست سهلة، فأمامهم تراكم سنوات طويلة من الطلبات والرغبات والأمنيات، وكل فرد في المشهد الثقافي يرغب بأن يكون الاهتمام الأول لمجاله الأدبي أو الفني، لذا لا نستغرب مناشدة بعض الروائيين وكتّاب القصة عدم إغفال السرد بصورة عامة ليكون ضمن المجالات الثقافية التي تسعى الوزارة لتطويرها، حيث ذكر الشعر ولم تذكر القصة والرواية، وعموماً الرؤية أعتقد تشمل كل مجالات الثقافة، ولكن في فترة التأسيس والبدايات سيكون مؤشر الرضا وعدمه حاضراً، بالطبع لا يتوقف الأمر على المجالات الثقافية أو المبادرات، ولكن أيضاً، على الأسماء التي سترشحها الوزارة للإشراف على بعض المجالات أو المبادرات، وأعتقد من الصعوبة أن يوجد شخص، رجل أو امرأة يتفق عليه أو عليها الجميع، لا بد من وجهات نظر، بل مع التقنية الحديثة، ووسائل التواصل الراصدة، ستكون ملفات جميع المرشحين معروفة وربما مشاعة، ووجود نقطة سوداء ولو كانت هامشية أو قدمية، ستكبر وتعلن للملأ.
نحن مع وزارة الثقافة بقيادة أميرها الشاب بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود، لاسيما وقد كانت له مبادرته المهمة لسماع آراء ومقترحات بعض الأدباء والفنانين مباشرة، وبالطبع سمع سموه مباشرة بعض الآراء التي تنم عن عدم الرضا بالوضع الثقافي الحالي، وببعض المؤسسات الثقافية، وفد قيلت بمجلسه بكل صراحة.
أعتقد أن مقياس الرضا من عدمه مهم، ومناقشة سبب عدم الرضا، أيضاً مهمة، بشرط ألا يكون عدم الرضا من فرد أو أفراد لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين، لأن ذلك لا يعد مقياساً، ولكن حين يكون عدم الرضا من شريحة كبيرة وعبر مواقع إعلامية مختلفة، فهنا لا بد من معرفة سبب عدم الرضا، وبإذن الله لن يكون ذلك إذا سعى جميع القائمين على الشؤون الثقافية بتقديم الأفضل والممتع والمفيد.