أولادنا.. امتدادنا في هذا الوجود، هم القطعة الغالية من قلوبنا..
إنهم تلك السنابل الخضراء في صحراء حياتنا.. قرّة أعيننا ومهجة أرواحنا..
وقد لا يتمنى الإنسان الحياة لنفسه، لكنه يطلبها لأولاده فهم زينة الحياة الدنيا..
وها هو الشاعر: حَطّانُ بنُ المُعَلى ينشد رائعته الشعرية قائلاً:
لَولا بُنياتٍ كَزُغْبِ القَطا
رُدِدْنَ مِنْ بَعضٍ إلى بَعضِ
لكان لي مُضطربٌ واسِعٌ
في الأرضِ ذاتِ الطُّولِ والعرضِ
وإنّما أولادُنَا بَيْنَنا
أكبادُنَا تَمشي على الأرضِ
لو هَبَّتِ الرِّيحُ على بَعضِهم
لامتنعَتْ عَيْني مِنَ الغَمْضِ
حيث يولد الطفل على الفطرة الخالصة والطباع البسيطة فإذا قوبلت نفسه بنوعٍ من الأخلاق نُقشت في لوحة دماغه وتكبر معه شيئاً فشيئاً حتى تأخذ بجميع أطراف النفس البشرية وتصبح راسخة فيها متجذرة سواء إيجابية أو سلبية.
فالأب يستطيع أن يرقى بسلوك أولاده صُعداً في مدارج المثل العليا والمكارم الإنسانية الرفيعة، فيغرس فيهم قيم الفضيلة والرحمة والأخلاق النبيلة وهكذا يخرج للمجتمع جيل واعٍ خلوق نفتخر به.. فالأخلاق التي يتعامل بها الإنسان مع الناس في حياته هي صدى مباشر لما تعلمه في الصغر.
وتتحفنا كتب التاريخ بالقصص المعبرة ومنها: أنه يوماً غضب الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان من ابنه يزيد لأمر ما.. فهجره.. فقال له الأحنف بن قيس وكان مستشاراً اشتهر بحكمته وحلمه : يا أمير المؤمنين إنما هم أولادنا، ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم سماء ظليلة.. وأرض ذليلة.. وبهم نصول على كل جليلة.. إن غضبوا فأرضهم.. وإن سألوك فأعطهم.. ولا تنظر إليهم شذراً ولا تكن عليهم ثقلاً فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك.
وقد طالعتنا الصحافة الإلكترونية الحديثة مؤخراً بمقال هام مفاده *أقتبس منه ما يلي*:
هل تتساوى مشاعر الوالدين نحو أبنائهم؟؟ وهل تتفاوت هذه المشاعر حين يتقدم العمر بالأبوين؟؟ خصوصاً بعد تقديمهما كل ما يمكن أن يقوما به من تربية وتعليم ورعاية تجاه الأبناء...
ففي الطفولة نلاحظ أن المشاعر تجاه الأبناء متساوية تماماً ولكنها تنمو أو تتراجع مع تقدم الأهل في العمر.. لأن العواطف تشبه الغرس في التراب تحتاج للغذاء كي تكبر وتنمو فإن قلّ الماء أو الهواء أو الضوء تنكمش ولربما تموت وهكذا العاطفة تجاه الأبناء، ومن هنا تتفاوت المكانة بينهم في قلوب الآباء:
فمنهم يكون كالقلب في جسم الإنسان إنهم المحرك الأساس للبيت يهتمون ويسألون عن كل كبيرة وصغيرة.. ويتميزون بالمسؤولية والعطاء اللامحدود.
وآخرون كالرئتين نختنق بدونهم ويصعب علينا العيش بعيداً عنهم.. محبون.. لطيفون فهم أوكسجين الحياة..
والبعض كالكلية يخلصوننا من الهموم ويطرحون عن الأهل كل شرٍ يصيبهم، إنهم السند عند الحاجة ولكنهم قد يؤلمون أحياناً لننتبه أن هناك خطأ علينا تصويبه قبل أن تتضخم الحصاة في مجرى الودِّ وتغلقه.
وقسم قليل يكون كالزائدة الدودية.. مشغولون بأنفسهم.. يأخذون ولا يعطون، دون التعبير عن أي شكر أو امتنان.. بل سخط دائم لا نعرف سببه وتستمر الحياة حتى لو تم استئصالهم بعملٍ جراحي يبدو مؤلماً في البداية.. لكنه ضروري لسلامتنا.
ولهذا ليس كل الأولاد أكباداً.. هذا هو الواقع.. الذي يبدد أوهام الشاعر والصورة الرومانسية للعائلة، والتي تتضح معالمها الحقيقية وجوهرها عند حاجة الأهل للأبناء.. وهذه الحاجة قد لا تكون مادية على الإطلاق، إنها الحاجة لشخص قريب يسمعك دون مللٍ أو تأففٍ ويأخذ بيدك لأنك جزء منه وجذع شجرته التي تفرّع منها *انتهى الاقتباس*
هذه خلاصة مقال أردت الاطلاع عليه ومشاركته.. فهل هذا الكلام صحيح؟؟
سؤال برسم المناقشة..
... ... ...
د.قيصر كباش - الأستاذ المساعد في التعويضات السنية التجميلية - مدير تحرير مجلة آفاق طب الأسنان