د. أحمد الفراج
كان انفجار الرئيس ترمب على قناة فوكس نيوز، بعد ظهور نتائج تقرير المحقق مولر، متوقعا ومبرّرا، فالهجوم الشرس الذي لاقاه، منذ فوزه بالرئاسة، لم يكن ليتحمله أحد، وبحكم أنني متابع لمعظم ما تطرحه وسائل الإعلام الأمريكية، سواء كبريات شبكات التلفزيون، أو الصحف ذات البعد العالمي، فقد كتبت كثيرا عن الانحياز الصارخ ضد ترمب، ليس لأنني من المعجبين به، فهو في الواقع ليس من الشخصيات السياسية التي تملك الكاريزما أو الفصاحة، التي تثير الإعجاب، ولكن لأن الانحياز ضده كان واضحا لكل محايد ينشد الحقيقة، ولا زلت أرى أن ترمب يملك كل مقومات الشخصية الصلبة التي لا تلين، فقد واجه كل أشكال الهجوم بهجوم مماثل بلا ملل، وأصبح حسابه الشخصي على تطبيق تويتر موئلا لكل وكالات الأنباء العالمية وكبريات وسائل الإعلام.
يعشق الأمريكيون التاريخ، ولذا سيتحدث المؤرخون طويلا عن فترة ترمب، سواء ترشحه للرئاسة، والذي أظن أنه كان- جزئيا على الأقل - ردة فعل على سخرية أوباما منه، في تلك الليلة التي لا تنسى، في حفل مراسلي البيت الأبيض في عام 2011، عندما قسى عليه أوباما، وأضحك عليه الحضور، ومعظمهم من عتاة الإعلاميين، ومن رأى الشرر يتطاير من عيون ترمب في تلك الليلة، لم يتفاجأ بترشحه للرئاسة، ولم يستغرب أن يكون من أهم وعوده الانتخابية هو مسح تاريخ أوباما، وما الانسحاب من الاتفاق النووي عنا ببعيد!، ولا شك أن المؤرخين سيتوقفون عند طريقة ترمب غير التقليدية في الإدارة، وعزله لأركان إدارته، واستخدامه للسوشال ميديا بديلا عن الإعلام التقليدي، وتصريحاته التي لا يكترث بعواقبها، وعلاقته بجمهوره المخلص، الذي يرى فيه المنقذ من سطوة المؤسسات الرسمية التقليدية.
ولا أشك لحظة في أن المؤرخين سيتحدثون ويكتبون عن علاقة ترمب بالإعلام، والانحياز الصارخ ضده لأسباب أيدولوجية، والهجوم الشرس عليه بشكل مستمر، وتجاهل إنجازاته، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ أمريكا السياسي، فقد وصل الأمر إلى اصطفاف بعض الإعلاميين مع خصوم أمريكا نكاية بترمب، مثلما حدث بعد انسحابه من الاتفاق النووي، كما وصل الأمر درجة العداء مع حلفاء أمريكا التقليديين، مثلما يحصل مع المملكة، فقط لأنها ترتبط بعلاقة استراتيجية مع ترمب، فالإعلام المنحاز ضد ترمب يرى في الهجوم على حلفائه أضعافا له، وهذا أمر مثير وموضوع دسم لكل مؤرخ، فمثلما أن ترمب سياسي غير تقليدي، فإن كل ما يحدث في عهده يعتبر غير تقليدي، وسيجد فيه المؤرخون ما يبحث عنه المتابع، وما يرغب في معرفته من لم يعاصر فترة هذا الرئيس، الذي أحدث الكثير من الزلازل بفوزه وبطريقته في الحكم.