فهد بن جليد
من بين كل 5 أشخاص يموتون في العالم سنويًّا هناك شخص واحد على الأقل مات بسبب الأغذية غير الصحية، أي إن ما يعادل 11 مليون شخص يموتون سنويًّا بسبب زيادة الملح في الطعام، وتناول كميات أكبر من السكريات والحلويات واللحوم والمشروبات الغازية.. وغيرها. الدورية الطبية الأمريكية (لانست) أكدت في الدراسة التي نشرتها بعنوان (العبء العالمي للأمراض) انخفاضًا عالميًّا في استهلاك الأغذية الصحية، أي إن الناس يقومون بسلوكيات مخالفة ومغايرة لما يؤمنون به ويرددونه حتى في تلك المجتمعات الإنسانية الأكثر تقدمًا وتحضرًا كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التي تسجل معدلات وفيات مرتفعة للسبب ذاته.
بحسب بيانات هيئة الإحصاء السنوية، ما زالت الأمراض هي السبب الرئيس للوفيات في السعودية، وهي كذلك في بقية دول الخليج العربي، بنسبة 46 في المائة، تليها حوادث السيارات النسبة الأعلى في العالم بنحو 19 %. ومعظم الأمراض التي تصيب السعوديين (السكري، أمراض القلب والذبحة الصدرية، الضغط والسكتة الدماغية... إلخ) هي مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بنوعية الغذاء الذي نتناوله وكمياته؛ وهو ما يتطلب موقفًا أكثر صرامة ووضوحًا تجاه تثقيف الناس، ورفع الوعي لديهم منذ الصغر. ومثل هذا الأمر يلاحَظ تجاهله وعدم إعطائه الأهمية اللازمة.
مدينة مثل الرياض يعيش فيها نحو مليونَي شاب وشابة دون سن الـ(25 سنة) - بحسب آخر إحصائية نشرت هذا العام 2019م - ما هي الفرص الغذائية المتاحة لهم في مطاعم المدينة؟ بل ما هي نسبة الخيارات الصحية المعروضة أمامهم؟ سنجد أن الثقافة السائدة هي (الأغذية السريعة) والدسمة وغير الصحية. أنا متأكد أنه يباع يوميًّا في الرياض -كأبسط مثال- ما لا يقل عن 5 ملايين (كوب قهوة) حارة وباردة (مشبعة) بالسكر والمنكهات والأصباغ. هناك (مسؤولية ما) تقع على عاتق المشرعين في البلديات، وهيئة الغذاء والدواء، والجهات التعليمية والتثقيفية والأسرية والصحية بطبيعة الحال، لمواجهة مثل هذه الأخطار الصامتة والقاتلة، بعيدًا عن مجرد وضع كميات السعرات الحرارية المشروع (غير المقنع) حتى الآن، وإن كانت فكرته جميلة، ولكن الالتزام بالمعايير والمكونات المتفاوتة والعشوائية لكل وجبة ومشروب يجعلنا نسبح بسرعة في فلك يقربنا أكثر من أسباب مجهولة (للوفاة)، أسرارها في (المعدة) دائمًا دون أن ننتبه.
وعلى دروب الخير نلتقي.