خالد بن حمد المالك
العراق هو البوابة الشرقية للعرب، وهو التاريخ المجيد، والعروبة المتأصلة، وأي أحلاف له خارج المنظومة العربية هي حالات طارئة ونادرة ومآلها إلى زوال متى كانت وتبين أنها على حساب مصالح العرب، إِذ إن الشعب العراقي الشقيق على امتداد التاريخ، ومع كل المتغيرات ظل متمسكًا بانتمائه العربي، واعتزازه بقوميته، وعدم تسامحه مع من يسيء إلى قضايا ومصالح أمته.
* *
في عاصمة الرشيد، وعلى أنغام هدير نهري دجلة والفرات، ووشوشات النخيل هناك، كان العناق بين الرياض وبغداد، وكأن الحب يتجدد، ويعود بأكثر مما كان عليه، وقد عبر الشعب عن فرحته، وأظهر عن وده للمملكة، قيادة وحكومة وشعبًا، وهو يزف هذا التعاطف السعودي وقد بدأ ينساب على شكل هدايا يقدمها الملك سلمان إلى أهله وبلده الثاني، دون أن يمن بذلك.
* *
أعادنا هذا الموقف السعودي الجديد من العراق إلى حرب ثماني سنوات للعراق مع إيران، وإلى الدماء العراقية الزكية، والتضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون للدفاع عن بلادهم ضد أطماع إيران، والموقف السعودي الداعم والمساند للعراق في حربه مع الفرس، مما ساعد على هزيمة ملالي إيران، واضطرار المقبور (الخميني) ليعلن عن هزيمته، وتوقف إيران عن مواصلة القتال، واصفًا هذه الهزيمة بالمُذّلة وكأنه يتجرع السم.
* *
وامتدادًا لحميمية العلاقات السعودية - العراقية المتأصلة والمتجذرة، ها هي المملكة تجدد دعمها ومساندتها ووقوفها إلى جانب العراق، في يوم تاريخي من انعقاد مجلس التنسيق السعودي - العراقي في بغداد، إِذ تم انعقاده بالتزامن مع الإعلان عن هدية الملك سلمان لشعب العراق ببناء مدينة رياضية، ودعم العراق بمليار دولار، وإنشاء أربع قنصليات في ثلاث مدن عراقية، والتوقيع على ثلاث عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين، وإتاحة الفرصة للسعوديين للاستثمار في العراق بما يبلغ عدده (189) فرصة استثمارية.
* *
نتذكر ما تم في الكويت، خلال المؤتمر الذي عقد هناك في العام الماضي لدعم العراق، وقد قدمت المملكة دعمًا سخيًا بمليارات الدولارات، وقدمت دول خليجية دعمًا هي الأخرى، أما إيران فكان حضورها شكليًا ومتفرجًا، إِذ لم تقدم أي دعم كي يتجاوز أزمته كما فعلت الدول الأخرى، مكتفية بمتابعة ما يتم الإعلان من دعم متفاوت للعراق، وهو مؤشر على أن إيران لا تبطن للعراق ولا لأي من دولنا العربية في المنطقة أي خير أو محبة.
* *
وأذكر وتذكرون أن أحرار العراق حين كانت الدولة العراقية تحت قبضة الاستعمار الإنجليزي، واحتلاله البغيض، كانت المملكة إبان حكم الملك عبدالعزيز المأوى والملجأ للفارين من نيران الاستعمار، وتنكيله لكل معارض حر للاستعمار الإنجليزي، وبين هؤلاء رشيد عالي الكيلاني، وغيره منن لا تسعفنا الذاكرة للإشارة إليهم.
* *
قصدت من كل هذا أن أقول: إن العراق مكانه في القلب، في العمق من محبتنا، فهو القريب الحبيب منا، وهو من لا نحمل له إلا الشعور بالحرص على مصلحته، مهما مرّ به من محن وويلات، وإننا سنده وعونه وداعموه، مهما مر به من أطوار، فما يجمعنا به أكثر بكثير مما يفرقنا عنه، فالجوار، والانتماء العربي، والدين، والمصالح المشتركة، والعدو الواحد، وغيرها كثير مما ليس في علاقاتنا غير ما هو محبب للنفس، وجدير بالتمسك به، فأهلاً بالعراق الحبيب إلى قلوبنا في هذا اليوم التاريخي المشهود.