فهد عبدالله الزهراني
من خلال وسم #مستقبل-السلامة-في-السعودية عرض المهندس علي الحميد الخبير في مجال السلامة والصحة المهنية بعض المجهودات والأنشطة التي قامت بها وزارة العمل خلال السنوات الأربع الماضية من أجل النهوض بجانب السلامة والصحة المهنية في المملكة العربية السعودية؛ لتتوافق مع الريادة المنشودة في جميع المجالات كما هو الحال في واقع رؤية 2030.
هذا التوجه والجهود المتضافرة عليه من قِبل وزارة العمل يدعو للبهجة والتفاؤل والشعور بملامسة الهيكليات التي تقوم عليها نهضة الدول الصناعية والمتقدمة، وذلك من خلال تأسيس مبدأ الحفاظ على الأرواح والممتلكات بسَن تشريعات وأنظمة تقوم على إدارة وصيانة هذا الجانب، وأيضًا من خلال الحاجة الماسة التي تمر بها دولتنا الحبيبة في التحول والدور النهضوي الذي تقوم به. ولو تأملنا قليلاً في كثير من الدول التي نهضت في الجانب الصناعي في العقود الماضية لوجدنا أنها تراكمت لديها التجارب والخبرات والعلوم، وأسست لمثل هذه الخطوة لما فيها من عائد كبير في الحفاظ على الأرواح من التلف أو الإصابة، الذي لا يقدر بثمن، إضافة إلى العائد الاستثماري المباشر وغير المباشر.
وبذلك تصبح وزارة العمل ترسخ لمفهوم ابتدأ من حيث انتهى الآخرون من خلال محاولة التواكب مع أنظمة السلامة العالمية، وسَن نظام وإدارة سلامة ببراند سعودي، يضم جميع المنشآت تحت لوائه، وقادر على اختصار الخطوات والزمن من أجل الدور الريادي الذي تضطلع به السعودية على جميع الأصعدة.
وكمختص في هذا المجال أحببت هنا أن أضع بعض التصورات الحالمة لهذا الدور الريادي المنتظر كمقترحات ورغبات تجول في أروقة كوادر السلامة وأصحاب الاختصاص:
* في التطبيقات العالمية عادة في إدارات السلامة والصحة المهنية تكون مستقلة تمامًا عن الجهة التي تتبعها أو ترتبط بالقيادة العليا مباشرة؛ لذلك عندما تكون هذه الإدارة مرتبطة بشكل مباشر بسعادة وزير العمل فإنها ستحقق فاعلية كبيرة جدًّا لضمان الاستقلالية، وتقليل حواجز القرارات والضغوطات. وبعد فترة من الزمن، وكثير من التجارب والممارسات في هذا الجانب، تتحول هذه الإدارة إلى هيئة مستقلة مرتبطة بمجلس الوزراء بشكل مباشر؛ لتكون مسؤوليتها مسؤولية مباشرة على جميع المنشآت والقطاعات، سواء الخاصة أو الحكومية، ما كبر منها وما صغر.
* في ظني، يجب أن تكون إدارة السلامة والصحة المهنية هي المرجع الأوحد في وضع مواصفات وتعليمات السلامة الفنية والإجرائية حتى يكون هناك شكل موحد من المواصفات في جميع المنشآت، يسهل من انتشار ثقافة السلامة بشكل متنامٍ وسريع، وكذلك يسهل من عمليات التقييم والتدقيق من قِبل الإدارة.
ومن أكبر العوائق الموجودة في ميادين العمل أن تجد مواصفات للسلامة من أكثر من جهة مسؤولة؛ وهو ما يجعلها مثارًا لتعارض الثغرات في عدم الامتثال.
* خلال السنوات الأربع الماضية قامت وزارة العمل بالتعاون مع هيئة المواصفات باعتماد 6 مواصفات بشكل نهائي. ونرجو أن ترى بقية المواصفات النور قريبًا، وتشمل مواصفات في السلامة ومكافحة الحريق والبيئة؛ ليتم بعد ذلك تأسيس مرجع محلي وإقليمي ودولي في هذا المجال. وهنا تكمن صناعة اسم السعودية المتقدم في مجال السلامة كما هو الحال في مواصفات NFPA الأمريكية وBS المعايير البريطانية.
* أن تكون هناك منظمة متفرعة من إدارة السلامة والصحة المهنية معنية فقط
بما يعرف بـ (accreditation body) من خلالها يتم:
- اعتماد شهادات التدريب
- اعتماد الجهات الاستشارية
- اعتماد جهات التدريب
- الأهم منح شهادات للمنشآت المتقيدة بلائحة إدارة السلامة والصحة المهنية.
* من الرائع والمفيد جدًّا أن يكون هناك منظمة أيضًا تحت إدارة السلامة والصحة المهنية مختصة فقط بالمشاريع الجديدة، وتأهيل المقاولين؛ لأن كثيرًا من الحوادث في مختلف المنشآت تقع أثناء العمل في المشاريع الجديدة، ويكون من مخرجاته على مراحل متدرجة أن يكون من ضمن شروط تأهيل المقاولين الحصول على شهادة الأيزو 45001.
الإيمان بأن السلامة والصحة المهنية خط استراتيجي في النهضة الصناعية، سواء كان على صعيد حفظ الأرواح والممتلكات، وأيضًا سلامة الاستثمار من الخسائر، هو أكبر الدوافع - بعد توفيق الله - لمزيد من التقدم والنهضة والريادة.