خالد بن حمد المالك
تعاملت طهران مع القرار الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، بما يتماشى مع القول المأثور (نسمع جعجعة ولا نرى طحناً)، فقد سارعت في رد فعلها إلى اعتبار الجيش الأمريكي منظمة إرهابية، وهو قرار إيراني مضحك، ودليل جديد على أن السياسة الإيرانية تفتقر إلى الحصافة، والرؤية الصحيحة للأحداث والتطورات التي تحيط بها من كل جانب.
**
إيران تعرف أن موازين القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية بينها وبين أمريكا لا يسمح لها بالتصدي إلا على نحو هذا التهريج المبكي للشعب الإيراني المغلوب على أمره، فأمريكا تأمر فيطيعها العالم لإبقاء طهران محاصرة اقتصادياً، ومنزوعة القوة إذا ما فكرت بإيذاء من تعتبرهم أمريكا أصدقاء أو حلفاء أو شركاء معها.
**
وكل تهديد إيراني مع الضغط الأمريكي عليها هو في سياق رد فعل الجعجعة الإيرانية، التي تلهي شعبها بالإكثار من التصريحات العنترية التي لم تجلب لشعب إيران غير الجوع والبؤس والحصار، ومن ثم جعلها دولة منبوذة، تستقوي فقط بعملائها في عدد من الدول لإحداث الفوضى، وللتذكير بوجودها وقوتها المزعومة، من خلال استئجارها لهؤلاء العملاء كمقاولين لإحداث الفتنة، وخلق الفوضى، وتشجيع الإرهاب.
**
وبدلاً من هذا التهريج المضحك المبكي في موقفها من اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، أين هي قوتها عندما كانت القوات الإسرائيلية تكرّر الضربات لوجودها في سوريا، فلم تفعل في مواجهتها سوى الهروب المذل إلى مواقع آمنة، وأين هي من تنفيذ تهديداتها بجعل الحركة في مياه البحر الأحمر ومضايق المرور مناطق غير آمنة بعد تطويقها بالقرارات الأمريكية الصارمة؟
**
لا شيء يمكن أن يستجد في السياسة الإيرانية مع كل ضربة جديدة موجعة لها، نفس التعامل؛ تصاريح نارية، وتهديدات بأقسى العبارات، ولكن دون فعل، بل واستسلام لكل القرارات الأمريكية الموجعة، والضربات الإسرائيلية المتكرّرة في كل موقع توجد فيه، أو تدعمه أو يشكِّل خطورة على أمن إسرائيل.
**
أيَّدت المملكة على رأس عدد من الدول القرار الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ولا قيمة لموقف من تخاذل والتزم الصمت تجاه القرار، فأمريكا بقوتها الضاربة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً لا تأخذ قراراً إلا وهي تعرف أبعاده على مستوى أمنها وأمن حلفائها، وعلى الأمن والسلام على مستوى العالم، لكن إيران بهذا القرار والقرارات الأمريكية السابقة، إنما تدفع الثمن، دون أن تفيق من غيِّها وضلالها، أو تعود إلى رشدها بعد كل هذه القرارات.
**
حسناً، ماذا ستفعل للجيش الأمريكي بعد تصنيفها له بأنه منظمة إرهابية؟ هل تملك أكثر من هذا التهريج الذي تلهي به الشعب، لإخفاء ضعفها وتهورها وهروبها عن ميدان المواجهة الفعلية، بسبب انهيار اقتصادها، وقوتها العسكرية، ومعنويات (جوقة) حكامها الذين ابتلي بهم الشعب الإيراني، وأضاع المواطنون أربعين عاماً من أعمارهم في تصرفات عبثية حرمتهم من الحياة الطبيعية، حيث يتم تبديد ثروات الشعب في تصرفات صبيانية غير مفهومة.