د. محمد بن إبراهيم الملحم
أقبلت الاختبارات وبعدها العطلة الصيفية، وفيها تكمن فرصة لاستثمار وقت الفراغ بيد أن هناك صراعاً داخلياً بين التوسع في الأنشطة الصيفية في المدرسة أو اقتصاره على عدد محدود من المدارس أو النوادي الصيفية، وهو صراع يعود إلى محاور عدة أبرزها الجانب المالي، ويصاحبه بعد ذلك جانبي مدى إقبال الطلبة ورغبتهم الفعلية في الاستثمار النفعي لوقت العطلة الصيفية مقابل ما يتوفر لهم في بيوتهم اليوم من الجواذب التي أصبحت تنافس النوادي الصيفية في جذبها لهم، وتأتي كذلك هواجس أخرى كالأمن الفكري وكذلك مشكلات التحكم في السلوك والحفاظ على السلامة، وأعتقد أن هذه الهواجس مهمة وجديرة بالعناية لكن لا يجب أن تطغى فتكون سببًا في التفريط بفرصة مهمة لاحتواء الطلاب والشباب وتنمية هواياتهم واستثمار طاقاتهم، وافتتاح المزيد من النوادي الصيفية لهم بما يتحقق معه احتواء أغلبهم فيها، بل إن نوادي النشاط هي المتنفس المثالي لامتصاص الطاقة التي يمكن أن تستغل سلبيًا بطريقة غير ملائمة، وهذا منهج معروف لا يستحق التوقف كثيراً. أما تراجع إقبال الشباب على نوادي الأنشطة مقابل ما هو متوفر لهم في المنازل فلا أظنه يقوم على دراسات بقدر ما هو شعور عام، ولكن قد تكون هناك أسباب عائدة إلى طريقة النوادي وأسلوبها شبه الرسمي أحيانًا، والذي قد يجعل الطالب لا يقبل عليها كثيرًا، وهذه الظاهرة ليست جديدة بل إني أثق أن كثيرًا من القراء مر بمثل هذه التجربة بشكل أو بآخر عندما كان طالبًا في زمانه، وهذا يقتضي أن تتمثل النوادي الصيفية واجبها في توليد أفكار جديدة وبرامج مشوقة وأساليب إدارة جديدة كليًا تستجيب لحاجات الطلاب النفسية والاجتماعية وتتناغم معها بطريقة منسجمة مع الحس التربوي.
الجانب المالي وما أدراك ما الجانب المالي، فالمدرسة لكي تستقبل الطلاب لابد من كادر موظفين في الصيف بمكافآت مع ميزانيات تشغيلية وصيانة الخ، وأقول إن هذا يمكن تجاوزه بحلول بسيطة أولها التشغيل بواسطة مشغلين متخصصين سواء في الصيف أو حتى أثناء السنة حيث تتمتع المباني المدرسية بملاعب وصالات يمكن أن تجذب الشباب إليها للاستفادة منها وقد تمثل هذا الأمر في نوادي الحي كتجربة ناجحة ينبغي التوسع فيها، ولكن بالنسبة لبقية المدارس فإنه يمكن إجراء تشغيل جزئي غير مكلف لمبنى المدرسة ممثلاً في الملاعب الخارجية فقط وربما الصالات أيضًا، وذلك من خلال إقامة أسوار إضافية تعزل الملاعب عن مبنى المدرسة حيث يدخل الطلاب أثناء الدراسة إلى ملعب مدرستهم عن طريق بوابة خاصة في السور الفاصل بين مبناهم والملعب، بينما يقفل هذا الباب في العطلة الصيفية ليبقى الملعب متاحًا طوال الوقت من جهة الشارع لمن يريد أن يفيد منه سواء من فئات الشباب أو الطلاب حيث يتوقون إلى توافر ملعب قريب يمارسون فيه اللعب وربما الرياضات الأخرى المناسبة للمساحة المفتوحة، والصالات الرياضية المدرسية يمكن أن تقوم بالدور نفسه والطريقة نفسها بحسب مناسبة هندسة المبنى لفصلها عن المبنى المدرسي، وهنا يكفي أن توفر الوزارة ميزانية محدودة للحراسة والتشغيل المحدد بساعات معينة معروفة للجميع، ولن تكون كلفة كبيرة جدًا مقارنة بتشغيل مبنى المدرسة كاملاً كنادٍ صيفي متكامل.
توفير المباني بهذه الطريقة هو أحد العوامل التي ستشجع الشباب على استغلال وقتهم بالالتقاء في هذه الملاعب يوميًا أو شبه يومي للعب وتمضية الوقت فيما يفيدهم، ولا شك أنك لا تتوقع أن يكون هذا حال أغلب الشباب ولكنما هي شريحة لها أثرها (حتى لو مثلت 10 % من الشباب) وسيعمل توفير الملاعب لها على تشجيعها للاستمرار في تنمية هواياتها، وستعمل الفكرة على صيانة الطاقة الداخلية الدافعة لديهم للاستمرار وربما الاشتعال أكثر في هذا المسار المحمود، توفر الملعب الجيد وبالقياسات المضبوطة وتوفر الصالة المكيفة وبتجهيزات مثل مرمى كرة السلة أو مقبض شبك الطائرة هي أمنية لدى كثير من مجموعات الشباب ليمارسوا هوايتهم على الدوام وليجتمعوا سويًا من خلال هذه الهوايات المحببة إليهم، وفي المجمل: اقتربت العطلة الصيفية ونريد شيئًا للطالب... وشيء للمعلم سأتحدث عنه لاحقًا.