ماجدة السويِّح
تعد شبكة نتفليكس الأكثر شعبية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يبلغ عدد المشتركين بـ 60 مليون مشترك، وقد حققت في سنوات قليلة نجاحًا وانتشارًا منقطع النظير، بالإضافة إلى استحواذها على العديد من الجوائز الفنية، نظير إنتاجها الحصري للأفلام والمسلسلات.
وقد كشفت نتفليكس مؤخراً عن أكثر الأفلام والمسلسلات متابعة، والتي لم تخل من العنف والجرائم، حيث استرعت انتباه الجمهور وتفضيلاتهم، في نهاية 2018 شاهدت أكثر من 40 مليون عائلة فيلم «Bird Box»،و قد حقق الفيلم الصدارة كأكثر الأفلام مشاهدة، كما أن غالبية الأفلام التي حصلت على التميز عام 2018، احتوت على جرائم شاذة وشخصيات مهووسة بالقتل والعنف.
كل الدراسات وكذلك الإحصاءات التي تنشرها نتفليكس عن أكثر المحتويات مشاهدة تركز على العنف وأفلام الإثارة، وقد استرعى ذلك انتباه وقلق العديد من علماء النفس والاجتماع وخبراء مكافحة العنف، مما دعاهم للتحذير من موجة العنف والدموية المتصاعد بين مختلف الأجيال.
كشفت دراسة مشتركة بين جامعة واشنطن وجامعة كاليفورنيا، وسان دييقو عن تزايد الاستفسارات على جوجل حول الانتحار بعد عرض مسلسل «13Reasons Why»
حيث بلغت نسبة الزيادة 19 %، حيث ساهم العرض باستثارة الاهتمام حول موضوع الانتحار.
منذ القدم والجمهور هو من يختار ما يود التعرّض له، لإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية والترفيهية وفقاً لنظرية الاستخدامات والإشباعات، وإن كانت نسبة الاختيار محدودة في ذلك الوقت، نظراً لقلة الخيارات المطروحة، لكن في الوقت الحاضر مع ظهور الشبكات الخاصة بالترفيه أصبح ينظر للمتابع كمستقبل إيجابي، يصمم بكامل إرادته واهتماماته ورغباته المحتوى المناسب لتفضيلاته، وعليه تقوم الشبكة بترشيح عروض تلفزيونية قريبة من اهتماماته لإشباع احتياجاته.
يعد المحتوى المعزّز للاحتياجات واقتراحات المشاهدة إستراتيجية حديثة من قبل شبكات الترفيه، لزيادة عدد المشتركين وتحقيق الأرباح، وغالباً التعزيز للعروض الترفيهية المشبعة بالعنف والدماء، المخيف في تركيز نتيفليكس على المحتوى العنيف إبراز الشخصيات المحورية كالقتلة والمجرمين كشخصيات محورية وأحياناً كأبطال، مما يساهم في تعزيز العنف في الحياة اليومية.
اليوم يزداد قلق خبراء العنف الإعلامي من التعرّض المستمر لمشاهد العنف والجرائم، وما يمكن أن تسببه من اعتياد العنف كأسلوب حياة في التعامل مع المشكلات اليومية، واعتياد جرائم الاغتصاب التي تعرض على الشاشة.
المسؤولون عن المحتوى بنتفليكس قلّلوا من خطر المحتوى العنيف بعد تزايد الانتقادات، وتزايد مشاهد العنف ضد النساء خصوصاً، حيث أوضحوا أن الشبكة تقوم على خيارات متعددة كالعروض الكوميدية، الأفلام الوثائقية، الطهي، الرومانسية وغيرها، لكن في الحقيقة حتى هذه التصنيفات لم تخل من مشاهد العنف، أو عرض للشخصيات المهووسة والشاذة، فالأفلام الوثائقية تتبنى قصص لقتلة متسلسلين، وقصص جرائم غامضة، فالمشاهد هنا يدور في فلك عروض من العنف، وإن اختلفت التصنيفات.
المحتوى العنيف والانتقادات التي طالته مؤخراً يجب أن يثير لدينا الاهتمام بالمشاهدين المحليين وتكثيف البحوث على الجمهور السعودي، الذي يتكون غالبيته من المراهقين والشباب، وكيفية استخدامهم للشبكة وتفصيلاتهم، التي بلا شك تعكس الاهتمامات، وطريقة إشباعها ربما بالترفيه السلبي، الذي نخشى أن يلقي بظلاله على تصورات جيل المستقبل.